تستبعد اوساط سياسية تكرار تداعيات التحرك العسكري المباغت لفصائل المعارضة السورية، ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد، سياسيا وامنيا وحتى عسكريا، على الداخل اللبناني وعلى الانتخابات الرئاسية تحديدا، كما حدث خلال قيام الثورة السورية في العام ٢٠١١ وبعدها، بالرغم من بعض اوجه الشبه بين التحرك الحالي والسابق، لعدة اسباب، اولها، ضعف تحالف ايران واذرعها وروسيا، للعمل معا كقوة عسكرية وامنية وحتى اقتصادية، الى جانب النظام السوري، في مواجهة فصائل الثورة السورية، وحسم المعركة لصالح بقاء النظام ودحر الفصائل المذكورة، بعد ظهور تباعد واضح بينها، وبطء مثير للريبة في ردة الفعل المطلوبة على تحرك هذه الفصائل، ما ادى الى توسع الانتفاضة العسكرية لفصائل الثورة السورية، انطلاقا من محافظة إدلب شمالا، للسيطرة على مدن وقرى استراتيجية في الخريطة السورية، واستمرار التحرك ليشمل مدن ومناطق مهمة تشكل درع الحماية لنظام الاسد، مثل حمص وجوارها.
وتشير المصادر إلى ان اسباب ضعف التحالف الايراني الروسي للوقوف بقوة مع الاسد هذه المرة، مردها إلى انشغال روسيا في الحرب ضد اوكرانيا والزج بمعظم جيشها في هذه الحرب، بعد سحب العديد من عناصره ومعداته واسلحته من سوريا، وعدم الحماس الظاهري، بعد التجارب الفاشلة وغير المشجعة، لتجاوبه مع الحل السياسي للازمة السورية؟وثانيا ضعضعة القوى والاذرع الايرانية الموجودة في سوريا ومن حولها بعد الاستهداف الإسرائيلي المنظم والمتواصل ضدها في سوريا ولبنان معا، طوال العام الماضي وثالثا، عدم حماسة ملحوظة من قبل العديد من القوى والمرجعيات في العراق لفتح حدوده ووضع امكانياته، أمام ايران ومليشياتها للانتقال إلى سوريا والقتال لمناصرة نظام الاسد في مواجهة الثورة العسكرية ضده، بالرغم من الضغوط الايرانية التي تمارس على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لهذه الغاية.
وتعتبر المصادر ان تاثير النظام السوري خلال اندلاع الثورة ضده في السابق وخلالها، كان أقوى على الداخل اللبناني، من خلال حلفائه السياسيين، وفي مقدمتهم حزب لله، الذي انخرط بكل قواه للوقوف إلى جانب النظام ضد الثورة، واحدث هذا التدخل انقسامات بالداخل اللبناني،وبلبلة وفوضى في الاوضاع العامة،وادى ذلك إلى اعطاء دفع لانتخاب الرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية، الذي ينتمي للتحالف السوري الايراني يومئذٍ. اما اليوم يبدو التاثير السوري على الواقع السياسي الداخلي شبه معدوم، لانحسار قوة حلفاء سوريا الاساسيين، باستثناء حزب لله الذي بشرنا امينه العام الجديد الشيخ نعيم قاسم، بأن الحزب يقف إلى جانب سوريا في العدوان الإسرائيلي الاميركي عليها، ما يطرح تساؤلات عن امكانية تدخل الحزب بالقتال إلى جانب النظام وبفاعلية مشابهة للسابق، ام ان طرح هذا الموقف، ليس اكثر من دعم معنوي، لاسيما بعد الاستنزاف الواسع للحزب في الحرب التي خاضها ضد إسرائيل مؤخرا.
ومن وجهة نظر المصادر المذكورة، فإن تاثير المواجهة العسكرية بين فصائل الثورة السورية ونظام الاسد على الواقع السياسي الداخلي وعلى انتخابات رئاسة الجمهورية هذه المرة، يبدو محدودا للغاية، ولا يظهر بالافق، ما يمكن ان يتبدل ويكون اقوى وقعا وحاسما، كما كان يحصل بالماضي، الا اذا ادى انخراط الحزب بمواجهة عسكرية مع الفصائل،على نسق مشاركته الواسعة النطاق سابقا، وهذا مستبعد، كما تظهر الوقائع والمتغيرات على الارض.