IMLebanon

جارٌ يهدّد جارَه… دفاعاً عن نازح سوريّ غير منضبط!

 

إكتظاظ وعمالة عشوائية وترحال دائم… والأمراض الجنسية تُطلّ برأسها

 

من يسهّل شروط السكن المخيفة

نعم، للأسف، هناك لبنانيون يحمون النزوح السوري بشتّى مخالفاته وتعدّياته. مادية كانت أسباب «التغطية» أم إنتخابية – أم حتى من بنات أفكار مؤامرة دولية ترعاها منظمات غير حكومية – النتيجة واحدة. الأمور وصلت إلى حدّ تهديد لبنانيّ لآخر بمنعه من الوصول إلى منزله إن هو استمرّ بالتذمّر من ناطور الأوّل النازح والممعن بالإرتكابات. فمن المسؤول عن تنظيم إجازات عمل الأجانب؟ وهل من يذكّر بعض اللبنانيين بأن مصلحة الوطن فوق المصالح الخاصة الأضيق من الضيّقة؟ الطاولة، إذا انقلبت، ستنقلب فوق رؤوس الجميع.

هناك في قضاء الشوف، وتحديداً في بلدة بسابا، قصة يتخوّف البعض من ألّا تنتهي على خير. يخبرنا أحد المواطنين عن جارٍ له يعمل في السويد ويملك بيتاً مجاوراً يديره ناطور سوري وأولاده. «طريق البيتين خاصة، وبالتالي لا يتواجد سوى الناطور وعائلته خلال الأسبوع كوني أعمل في بيروت. مصائبي لم تتوقف منذ أن تمّ توظيف الناطور، وهناك شهود على ذلك. ففي كل مرّة أزور البلدة أراه قد قطع المزيد من أشجار السنديان في بستاني، أو سرق الكبريت الموضوع على مدخل منزلي. حتى أنني أقوم أسبوعياً بتعبئة خزانات المياه ليعمل على «شفطها» خلال الأسبوع. ومؤخراً، قام بنصب قضبان حديدٍ لمنعي من عبور الطريق بسيارتي». التواصل المتكرّر مع المختار وقوى الأمن وصاحب المنزل لم يأتِ بجدوى. ورغم المضايقات الشخصية التي يتسبّب بها أولاد الناطور للمشتكي، تفاجأ بتهديد مباشر يأتيه من الجار العامل في السويد: «إذا بتفكّر تتشكّى على السوريين منقطع عليك الطريق من فوق… وافهمها متل ما بدّك».

 

من يحميهم؟

 

كم من «بسابا» على امتداد مساحة لبنان؟ ففي البترون، مثلاً، يحصل تأجير «عشوائي» لمحال تجارية وبمباركة لبنانية؛ وفي القاع، «منضهّرن بالجملة بيرجعوا اللبنانيين بيفوتوهم بالمفرّق»، كما نسمع؛ أما في ضهر الصوّان، فغضّ نظر «على عينك يا تاجر» عن مخالفات السوريين على قاعدة: «ما بدّنا نزعّل يلّي مشغّلن ومأجّرن تما نخسر أصواتن بالانتخابات». والأمثلة تتناسل.

 

الكاتب والباحث المتابع لملف الوجود السوري العشوائي في البترون، نبيل يوسف، أشار في اتصال مع «نداء الوطن» إلى أن البلدات باتت مقسومة والمخالفات تتزايد في ظلّ التغطية الحاصلة من قِبَل بعض اللبنانيين. فالرغبة بجني الأموال تحرّك هؤلاء، إذ نراهم يستفيدون من بدلات الإيجار التي يتقاضونها من النازحين. «ما من سوري دخل إلى بلدة بالقوّة، بل هناك لبناني أدخله من أجل الدولار. يستأجرون بيتاً على أنهم خمسة فما يلبثوا أن يصيروا خمسين شخصاً، علماً بأننا نحتاج لما لا يزيد عن 400 ألف عامل سوري في مجالَي الزراعة والبناء».

 

بحسب يوسف، أثبتت أزمة النزوح أن معظم البلديات لم تكن على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها. أما عناصر القوى الأمنية فلا حول لهم ولا قوّة في ظلّ تدنّي رواتبهم. «منذ فترة قمنا بتسليم عاملَين سوريَين إلى القوى الأمنية، فتمّ ترحيلهما. وبعد أسبوع عادا إلى المنطقة عن طريق مهرّبين لبنانيين. لماذا؟ لأن العامل السوري رخيص الأجر واللبناني يبالغ بمطالبه المادية». ووصف المنظمات غير الحكومية الدائرة في فلك الأحزاب وجماعات الثورة بالمخيفة و»ربنا وحدو بيعرف شو اللعبة يلي عم تنلعب». وكأن هناك هدفاً من وراء تثبيت النازحين في لبنان وعدم ترحيلهم. أما أخطر ما في الأمر، فقدوم السوري إلى أرض تفرغ من ناسها. إذ في بعض قرى البترون، مثلاً، هناك منازل أغلقت بالكامل بعد سفر أصحابها. وظاهرة تراجُع أعداد ولادات اللبنانيين مقارنة مع الوفيات تزيد الطين بلّة.

 

اللبناني السمسار!

 

نتابع مع يوسف ونسأل عن الحلول، فاعتبر أن وزارة العمل هي المسؤول الأول والوحيد عن حماية اليد العاملة اللبنانية وتنظيم تلك السورية. فالسوري الذي كان يُستخدم من قِبَل اللبناني في أعمال الزراعة والبناء هيمن مؤخراً على كافة المهن. من سائق شاحنة إلى سائق صهريج فمعلّم باطون ومعلّم صحيّة وصاحب محال تجارية وغيرها. «تحوّل اللبناني إلى سمسار. تُسلّمه ورشة فيوكل معلّماً سورياً بها. لا حلّ إلّا بتنظيم إجازات العمل وإجبار كل عامل سوري على دفع المستحِقّ من ضرائب ورسوم. ومن لا عمل لهم، فليُرحَّلوا اليوم قبل الغد. المسألة تحتاج تنظيماً وهنا تأتي مسؤولية الحكومة والوزارات المختصة».

 

لكن الترحيل لا يعني الانتقال من منطقة لبنانية إلى أخرى. «أن نخرجهم من البترون فيتوجّهون إلى المتن، ومن بعدها إلى عكار، أو أي منطقة أخرى، ليس حلّاً. وأن يتمّ ترحيلهم بشكل كامل غير وارد حالياً. فعلى الدولة تنظيم عملهم وإجبارهم على تسديد الضرائب حماية لليد العاملة اللبنانية من المنافسة غير الشرعية. وعلى البلديات التأكّد من شروط سكنهم كي لا تتزايد الأعداد بشكل مخيف داخل الغرفة أو المنزل الواحد. كما على جميع الفئات الضغط على المجتمع الدولي للتوقف عن الإسراف في تمويل الوجود ذاك، كون المجرم الأكبر هو من يدير المنظمات غير الحكومية». وتبقى الحلول تراوح مكانها طالما أن الحدود المتفلّتة تفتح باب التنقّل على مصراعيه.

 

لِتَشرُّب الوطنية

 

إلى رئيس بلدية القاع، بشير مطر، الذي لفت في حديث لـ»نداء الوطن» إلى أن عوامل كثيرة تشجّع اللبنانيين على تغطية ارتكابات السوريين. فإلى جانب اليد العاملة الرخيصة، والحفاظ على «رضى» بعض اللبنانيين المشغّلين للنازحين لأغراض انتخابية، أكّد أن غياب الوعي لدى معظم هؤلاء سبب أساسي أيضاً. «يأتي اللبناني بالسوري ويكفله في وقت بات الإنسان أعجز من أن يكفل ولده هذه الأيام. في حين أن قدرة السوريين على «الدخول» على اللبنانيين المحتاجين لناطور من هنا وعامل من هناك لا يجب الاستخفاف بها. فاللبناني أصبح مستعدّاً لتشغيل «الواسطة» على أعلى المستويات لفكّ حجز درّاجة عامل سوري لا أكثر. لا يمكن لعاقل أن يتخيّل حجم الضغوطات التي تمارَس على الضباط العسكريين والأمنيين لدى تنفيذ مداهمات ضدّ السوريين. والبلديات ليست بعيدة عن الضغوطات هي الأخرى».

 

ينقص كثيرين منّا الشعور بالانتماء للوطن مع عجز عن تقييم مفهوم الضرر إلّا بقدر تعلُّق الأمر بنا شخصياً، وفق مطر. «اللبناني لا يتنازل لممارسة بعض المهن. فلمن يبحث عن معلّم صحيّة أو معلّم بناء، إما يُرشَد إلى عامل سوري أو إلى لبناني يتسلّم الورشة فيسلّمها بدوره لسوري، متحوّلاً بذلك إلى مقاول. لماذا؟ لأن مصلحته تقتضي ذلك ولأن الضرر الذي يصيب الوطن لا يصيبه، للأسف. فالحس الوطني مفقود. اللبناني بات مجرّد تاجر لا تحرّكه سوى المصلحة الخاصة، وقد يبيع أرضه حتى لذلك الغرض. الحلّ لا يكون سوى بأن نتشرّب الوطنية مجدداً كما الانتماء وإعلاء المصلحة العامة على الخاصة، وحماية المجتمع من خلال شدّ أواصر التضامن والتعاون بين أهله».

 

على المستوى الأعمّ، سأل مطر عن الأسباب التي تحول دون تعاون الجمعيّات المموّلة للنازحين السوريين مع المزارعين والصناعيين اللبنانيين خدمة لتصريف الإنتاج وتنشيط الحركة الزراعية والاقتصادية. «الحق علينا جميعاً ويجب إحداث تغيير في الشعب الذي يتاجر بأرضه ووطنه».

 

يُرحَّلون فيعودون

 

هل يدخل النازح السوري بالقوّة أم أن هناك من يسهّل طريقه وبقاءه؟ يجيب مطر: «أليس الدخول خلسة دخولاً بالقوّة؟ وهل اللبنانيون الذين أدخلوا الأعداد الكبيرة يمثلون فعلاً الشعب اللبناني وإرادته؟ وهل تسيُّب الحدود قرار رسمي؟ فلتُغلق الأخيرة أوّلاً ولتُنزل أشدّ العقوبات باللبنانيين الناشطين على خط عمليات التهريب ونتكلّم بعدها».

 

داخلياً، تساءل مطر عن وجود داتا ترتكز عليها البلديات لاستقبال أي سوري منتقل من منطقة إلى أخرى لتحديد وضعه الاجتماعي والأمني وسوى ذلك. لكن الجواب حاسم في ظلّ غياب المرجعية أو غرفة عمليات مشتركة بين البلديات. «كلّما وقع إشكال أو جريمة في منطقة ما، نشهد انتفاضة ليوم أو يومين، ومن يرحَّلون بـ»الجملة» يعودون بـ»المفرّق». وكأن الدولة تحثّ المواطن على أخْذ حقّه بِيده».

 

 

 

 

نصل إلى السجالات السياسية التي رأى مطر أنها غير مفيدة في هذه المرحلة، مستغرباً التركيز على تحصُّل النازح السوري على إقامة شرعية من عدمه. «هل لهم أن يفسّروا لنا ما الذي تتيحه الإقامة الشرعية للنازح؟ وماذا لو كانت الإقامة منتهية الصلاحية والنازح مكفولاً أممياً؟ وماذا لو كان مكفولاً لممارسة أعمال زراعية وانتقل إلى مجال الصناعة، مثلاً؟ هذه أسئلة مشروعة لكن لا أحد يودّ الإجابة».

 

مطر حمّل ختاماً النازحين السوريين الذين لجأوا إلى لبنان هرباً من النظام السوري مسؤولية السكوت عن ممارسات مواطنيهم الداخلين لأسباب أخرى مختلفة. ففي آخر المطاف، سيدفع الجميع ثمن ما يحصل. إذا كنّا أمام عملية «تنزيح» للسوريين، كما أشار وزير الشباب والرياضة، فإن أي عمل أمني سيرتدّ سلباً على جميع السوريين. «المشكلة كبيرة بقدر ما هي سهلة. المطلوب عدم الانصياع وراء أي جهة وحماية مصالحنا ووجودنا».

 

صرخة

 

وننهي بصرخة أطلقها رجال دين ودنيا عبر «نداء الوطن»: «يجب إيجاد سُبل فعّالة لحماية شبابنا ورجالنا من الأمراض المنتقلة جنسياً والآخذة بالانتشار بسرعة في بعض المناطق. فـ»استرخاص» بعضنا لبعض النازحات لقاء بضع مئات الآلاف من الليرات يشكّل خطراً جدياً على الصحة العامة للمسترخصين ومحيطهم الضيّق والأوسع». خطر من الشدّة بمكان أنه قد يستدعي تحقيقاً منفصلاً…