لا يزال ملف البنزين المهرّب يتفاعل، وبدأت تتكشف المزيد من المعلومات حوله، لكن يبدو ان فرضية التهريب معقدة، خصوصا ان الكميات المهرّبة كبيرة، تصل الى نحو 20 صهريجا يوميا وبالتالي لا يمكن ان تمر في الخفاء. فهل يتم تمرير هذه الكميات عبر المعابر الشرعية؟
أكد رئيس تجمع شركات النفط مارون شماس دخول كميات كبيرة من البنزين والمازوت المهرب من سوريا بدءا من يوم الخميس الماضي. واشار الى ان هذه المحروقات ذات نوعية رديئة جدا، وتحتوي على كمية كبيرة من الكبريت ولا تتطابق مع المواصفات البيئية المعتمدة في لبنان ناهيك عن رائحتها الكريهة.
وعزا شماس لـ«الجمهورية» اسباب التهريب لأن اسعار المحروقات الاتية من سوريا ارخص بالنسبة للتاجر بـ2 دولار للصفيحة الواحدة من تلك التي تباع في لبنان، اي انه يحقق نحو 100 دولار لدى بيع الف ليتر، وبهذه الطريقة يتضاعف ربحه لأنه عادة يكسب دولارا واحد من الصفيحة.
وقد اشترت بعض المحطات كميات كبيرة من هذا البنزين نظرا للارباح التي ستجنيها سيما في البقاع والجنوب، ناهيك عن التهرب الضريبي، والذي يشكل نحو 10 الاف ليرة عن كل تنكة بنزين.
وأكد شماس ان الكميات التي دخلت لبنان تقدر يوميا بنحو مليون ليتر، بما يعني انه دخلت حتى الساعة الى لبنان نحو 5 ملايين ليتر، الا انه وبعد ان فضح الامر في الاعلام تدنت كمية التهريب الى نحو 300 الف ليتر يوميا.
واعرب شماس عن اعتقادة ان التهريب يتم عن طريق القاع – الهرمل وان المهربين معروفون. وأكد شماس ان هذا النوع من البنزين غير المطابق للمواصفات يشكل خطرا على الصحة العامة اولا، وعلى البيئة ويتسبب بأعطال في محرك السيارة، ويمكن للمستهلك ان يكشفه من رائحته القوية والرديئة، يبقى عليه ان يلتزم بالشراء من المحطات التي يثق بها. وناشد شماس الوزارات المعنية والاجهزة المختصة التحرك واقفال المحطات المشبوهة حماية للمستهلك.
بلدية القاع
وبعدما دل أكثر من طرف على ان وجهة التهريب غير الشرعي هي جرود عرسال او القاع او الهرمل، استبعد رئيس بلدية القاع بشير مطر لـ«الجمهورية» ان يتم التهريب غير الشرعي لمادتي البنزين والمازوت عبر القاع، لكنه لفت الى ان التهريب يمكن ان يمر عن طريق حوش السيد علي والقصر في الهرمل، لكننا لم نر منذ فترة اي مرور للصهاريج عبر هذه الطريق، في حين كنا نلاحظ ذلك بكثرة في الماضي عندما يكون التهريب في اوجه.
عباس
عن دور مصلحة حماية المستهلك في ظل الحديث عن التهريب والمعالجات التي يمكن ان تقدمها، كشفت المدير العام لوزارة الاقتصاد عليا عباس لـ«الجمهورية» ان الوزارة ستبدأ من اليوم وبالتنسيق مع المديرية العامة للطاقة والمحافظ بالتحرك بمؤازرة القوى الامنية في كل المناطق حتى تلك التي يصعب الدخول اليها من دون مؤازرة امنية، لأخذ عينات من محطات البنزين لفحصها ومعرفة مواصفاتها وما اذا كانت تشكل خطرا على السلامة العامة. وإذ لفتت الى ان وزارة الطاقة هي التي تحدد المحطات التي يجب ان نقصدها، أكدت انه لن يمر الكثير من الوقت قبل ان تتكشف نتائج مواصفات البنزين المهرب والمحطات التي تبيعه.
واشارت عباس الى ان الوزارة تتخذ كل فترة قطاع وتقوم بجولات تفقدية على الاسواق للتأكد من مطابقته مواصفات الجودة، والاولوية اليوم لقطاع المحروقات. وسيقوم مندوبو الوزارة بدءا من اليوم بجولات على كل المناطق لأخذ العينات. واوضحت ان الوزارة تقوم عادة بنوعين من الرقابة: رقابة قطاعية (رقابة على قطاع معين في كل المناطق اللبنانية)، او الرقابة الجغرافية (رقابة على منطقة معينة تشمل كل القطاعات)، وستبدأ الوزراة من اليوم رقابة قطاعية على قطاع المحروقات، فتفحص النوعية وتراقب الكيل ومدى الالتزام بالتسعيرة الرسمية التي تصدرها وزارة الطاقة.
وردا على سؤال، اوضحت عباس ان التحقيق لمعرفة ما اذا كان البنزين مهربا هو من صلاحية الجمارك وليس وزارة الاقتصاد، لكن الوزارة ستقوم بأخذ عينات من المحطات، وفي حال لم تكن مطابقة للمواصفات فسنتخد الاجراءات المناسبة بناء على عدم مطابقة السلعة للمواصفات المعتمدة. وأشارت الى انه لا نتائج فحوصات بعد عن المادة المهربة، لكن وفق معلومات المدير العام لوزارة الطاقة اورور فغالي فإن هذا البنزين غير مطابق للمواصفات المعتمدة في لبنان، ومتى ثبت ذلك بعد فحصه يحق عندها لوزارة الاقتصاد تنظيم محاضر ضبط او اقفال المحطة بالشمع الاحمر اذا تبين ان هذا البنزين يشكل خطرا على السلامة العامة.
وشددت عباس على ضرورة تحرك الجهات المعنية كافة كل من ضمن صلاحياته طالما هناك اخبارات في ذلك، كما عليها التحري لمعرفة مصدر المحروقات غير المطابقة، ومن اين دخلت هذه الصهاريج، وان كانت عبر طرق غير شرعية يفترض اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل القوى الامنية.
وردا على سؤال، لفتت الى ان لا معلومات بعد عن كمية البنزين المهرب الذي دخل الاسواق، انما استنادا الى معلومات وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني فإن الكمية تقدر بنحو مليون ليتر يوميا، ولا شك ان معاليه يملك معطيات بذلك، كما لا يمكن القول ان البنزين المهرب موجود فقط في منطقة معينة فمتى دخل لبنان لا شيء يمنع من ان يباع حتى في العاصمة.