IMLebanon

جحيم سوري في اليمن؟

فتحت التطورات الأخيرة أبواب اليمن على الجحيم. يجد أعضاء مجلس الأمن أنفسهم، شيئاً فشيئاً، أمام انقسامات تشبه الى حد بعيد خلافاتهم المستحكمة على سوريا. هذه هي الجحيم. تبيّن أخيراً أن “تغييب” ايران يمنياً أحبط العملية السياسية التي قادتها السعودية عبر المبادرة الخليجية، وما تلاها.

يواجه العرب تحديات جديدة إذ تبدو ايران أيضاً في خلفية مؤشرات لافتراق بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة اخرى على طريقة التعامل مع الأزمة اليمنية أيضاً.

مثلت تجربة المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون في اليمن جمال بن عمر قصة نجاح حتى الأشهر الاخيرة. عرف كيف يسوّق عناصر المبادرة الخليجية لنيسان ٢٠١١ ليس فقط بين أعضاء مجلس الأمن الذين أجمعوا على دعمها بالقرار ٢٠١٤، بل أيضاً بين كل التشكيلات السياسية والقبلية في اليمن. وجد الرئيس السابق علي عبد الله صالح نفسه أمام خيار وحيد: تسليم السلطة الى نائبه عبد ربه منصور هادي. تمكن من رعاية عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وصل في نهاية المطاف الى توافق واسع على إقامة دولة فيديرالية. ترك الاتفاق هامش عزف لايران على وتر الافتئات على الحوثيين الإماميين بمنفذ حيوي على البحر وبثروة طبيعية كامنة في بطن اليمن. وجد علي عبد الله صالح – وهو زيدي أيضاً – أن الحصانة التي حصل عليها قبل تنحيه ليست جائزة مجزية. ما أكثر الذين يلعنون “الربيع العربي” الذي أقصاه.

ثمة من يجادل بأن مجلس الأمن تأخر في زجر الحوثيين والرئيس السابق. لم تجدِ كثيراً بنود القرارين ٢٠٥١ و٢١٤٠ وغيرهما من البيانات ولجنة العقوبات في تغيير المجريات.

في المشهد من بعيد: ايران. هذه تسعى الى حضور مشهود في كل المنطقة. ليس بـ”القوة الناعمة” ولا بـ”حملة الاستلطاف” التي جاد بها الرئيس حسن روحاني. بل بالحرس الثوري “الباسداران” و”حزب الله” و”أنصار الله”. هؤلاء هم التعبير الأفصح عن حضور الجمهورية الإسلامية في سوريا ولبنان والعراق واليمن، وربما في أماكن أخرى.

ما عدا ذلك “تغييب”. ثمنه الظاهر يمنياً الآن أن هذا البلد يواجه ثلاثة أخطار كبرى: هي حرب أهلية يمكن أن تتخذ بعداً طائفياً بين الزيديين، الذين ارتدى الحوثيون منهم العباءة الشيعية، والشافعيين الذين تدفعهم التطورات عن وسيطتهم المشهودة، ثم الانقسام مجدداً بين يمن شمالي وآخر جنوبي ما دام لا مكان للفيديرالية التي تنشدها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبنود مسودة دستور لا تزال كلها حبراً على ورق، وارهاب متصاعد تزداد أرضه خصباً، ليس في المناطق التي ترعرع فيها الجيل الأول من تنظيم “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية، بل أيضاً في الأجيال الجديدة الظاهرة في “الدولة الإسلامية – داعش”.