Site icon IMLebanon

الوحدة السورية العراقية

 

ان الوحدة العربية او الوحدة بين دولتين عربيتين هو حلم تريده إرادة الشعوب العربية، لكن مشروع الوحدة العربية، فشل حتى الان بسبب الأنظمة وليس بسبب الشعوب العربية.

ان اهم تجربة في هذا المجال هو قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا، وكانت مشروع وحدة هامة جداً، في ظل مشروع القومية العربية التي كان يطرحها ويقودها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. لكن الوحدة بين مصر وسوريا تحوّلت اخيراً الى استعمار مصري لسوريا، واخطأت المخابرات المصرية في معاملتها للشعب السوري، فسقطت الوحدة التي أسست الجمهورية العربية المتحدة، وانفصلت سوريا عن مصر ومصر عن سوريا وسقط مشروع الوحدة للجمهورية العربية المتحدة.

وهنالك تجارب قام بها الرئيس القذافي للوحدة العربية، لكن كانت كلها فولكلورية قائمة على شخصه، وشخص رئيس الدولة التي يتحد معها، ولم تكن جدية قط، ولذلك كانت تفشل دائما.

وهنالك تجربة تاريخية على مستوى لبنان وسوريا، حين ادت سوريا دورا تاريخيا بقيادة الرئيس الراحل حافظ الأسد، ودخل الجيش السوري الى لبنان وأوقف الحرب فيه، والاقتتال وتدمير القرى والمناطق. وكانت مبادرة إيجابية تاريخية قادها الرئيس الراحل حافظ الأسد ونجحت في وقف الحرب في لبنان.

الا ان العلاقة بين لبنان وسوريا التي انطلقت ايجابياً سرعان ما تحولت الى سلبية، نتيجة تصرفات المخابرات السورية في لبنان، ونتيجة التحالف الأمني اللبناني – السوري بين المخابرات اللبنانية والمخابرات السورية، ضد أي رأي ينتقد امراً بسيطاً قامت به المخابرات السورية واللبنانية. وبدل قيام العلاقات بين النخب السورية والنخب اللبنانية والجامعات السورية واللبنانية، وبدل تعزيز المستوى الثقافي بين البلدين وتعاون المهندسين وقيام مراكز أبحاث طبية بين لبنان وسوريا، وإقامة مشاريع حيوية بين البلدين، انعكس الامر الى حكم أمني قادته المخابرات السورية وقامت باستبدال وجوه لبنانية لها دور كبير بوجوه صنعها الجهاز الأمني السوري – اللبناني، مما أدى الى ابعاد فئة هامة ونخبوية من رجالات وشخصيات لبنانية، وابدالها بشخصيات تخضع لجهاز المخابرات الأمني اللبناني – السوري، وليست نخبوية في مجملها، رغم وجود بعض الوجوه الجيدة والمقبولة، من الذين جاؤوا على يد المخابرات السورية – اللبنانية.

اليوم لا نطالب بوحدة العراق وسوريا مباشرة، بل نقول ان معاهدة سايكس – بيكو قامت بتقسيم امتنا وقسّمت سوريا والعراق عن بعضهما واجتزأت مناطق من العراق الى سوريا، ومناطق من سوريا الى العراق.

لكن ما يجمع الشعب العراقي والشعب السوري، وهما من أمة واحدة وتاريخ واحد ومصير قومي ووطني واحد، هو الكثير من المبادئ والقيَم التي يحملها الشعب السوري والعراقي، وان القبائل العراقية والسورية هي قبائل متزاوجة ومشتركة في القرابة، والقبائل التي ذهبت جنوبا تشيّعت، والقبائل التي ذهبت شمالا تركزت على الطائفة السنيّة، لكن بقيت القبائل العربية العريقة تجمع الشيعة والسنّة في قبيلة واحدة، يصل عددها الى نصف مليون نسمة. ولم يحصل اقتتال بين القبائل السورية والقبائل العراقية الذي يصل عددهم الى 12 مليون من سكان العراق وسوريا، رغم محاولات كثيرة لاشعال الفتنة في هذا المجال من قبَل قوى خارجية.

حتى في أوج حكم الرئيس الراحل صدام حسين والرئيس الراحل حافظ الأسد وحرب العراق مع ايران، بقيت العلاقات السورية – العراقية مقبولة، لكنها متوترة انما لم يحصل أي اصطدام او نزاع على الحدود بين العراق وسوريا.

لذلك نقول اليوم والجيش العربي السوري والجيش العراقي وهما يقتربان من الحدود بين العراق وسوريا، ان التنسيق بين الجيش العربي السوري والجيش العراقي اكثر من ضروري، فالجيش العربي السوري اجتاز الفرات، وانتشر في دير الزور ولم يعد يبعد عن الحدود العراقية اكثر من 80 كلم، حيث انسحبت «داعش» الى بلدة القائم بعدما سيطر الجيش العربي السوري على دير الزور، وأعاد المطار الحربي فيه ووصلت اليه طائرات حربية سورية، وينتصر يوما بعد يوم الجيش العربي السوري على «داعش» والحركات التكفيرية. كذلك فان الجيش العراقي حقق انتصارا كبيرا على «داعش» وهزمها في العراق، وضربها في مناطق عديدة كانت تسيطر عليها، واهم معركة جرت في الموصل، ورغم صعوبة المعركة والشوارع الداخلية، توصل الجيش العراقي الى الحاق الهزيمة بـ«داعش» وطردها من الموصل.

ثم حصلت معركة تل عفر بين الجيش العراقي ومركز تحصين «داعش» هناك، وانتصر الجيش العراقي على «داعش» واخرجها من المدينة وهزمها، ويمكن القول ان الجيش العراقي حالياً هو في أوج قوته مع الحشد الشعبي، ولكن مع ملاحظات ان الحشد الشعبي ارتكب مخالفات كبيرة حيال مواطنين عراقيين. وما كان ذلك يجب ان يحصل، انما جاء ذلك ردّة فعل من الحشد الشعبي بعد مجازر قامت بها «داعش» ومؤيدون لـ«داعش»، وفي الحروب تحصل مجازر ومذابح وقبور جماعية.

وفي المقابل، كانت فئات ضد الحشد الشعبي والجيش العراقي تقوم بتفجير السيارات بين المدنيين في قلب بغداد وفي مناطق عراقية وتقتل العشرات من المدنيين الأبرياء، بشكل وحشي وهمجي، لتهجير قسم كبير من الشيعة من بغداد ومن مناطق أخرى. وما فعلته في الفلوجة والانبار وغيرهما، كانت مذابح من قبل «داعش» ومؤيدين لـ«داعش» من الطائفة السنيّة ضد الشيعة.

لكن اليوم الجيش العراقي والجيش العربي السوري يقتربان من الحدود العراقية – السورية، ويقتربان من الانتصار على «داعش» والقوى التكفيرية شهرا بعد شهر، فلا بد من التنسيق بين العراق وسوريا دون ان نقول وحدة عراقية – سورية، وربما ذلك يأتي في يوم من الأيام، ولكن في يومنا هذا لا بدّ من تنسيق عراقي – سوري على المستوى العسكري وعلى مستوى الشعبين العراقي والسوري، مع العلم ان إسرائيل وتركيا والسعودية وأميركا تقف ضد أي تقارب عراقي – سوري. والسعودية لها دور تاريخي في منع أي تقارب اردني – سوري، فكيف اذا حصل تقارب عراقي – سوري؟

كما ان إسرائيل تؤدي دورا كبيرا في منع تقارب أي دولة عربية مع دولة عربية أخرى، وذلك عبر الضغط الأميركي في منع حصول ذلك.

انما لكي يحصل تنسيق عراقي – سوري حقيقي في المستقبل، وابتداء من الأشهر المقبلة ومع وصول الجيش العربي السوري والعراقي الى الحدود المشتركة لا بد ان يقوم العراق على حلف ممتاز وجيد مع ايران، لكن ليس تحت السيطرة الإيرانية.

كما ان سوريا يجب ان تتحضّر لمجلس نواب حقيقي وفعلي، وليس مجلس شعب صوَري، كما هو حاصل حالياً، واذا كانت حالة الطوارئ والحرب تسيطر على سوريا فلا بد من بعض التعديلات البسيطة التي تعطي إشارات ان هنالك بداية تحديث للنظام السوري. فسوريا تحتاج الى مجلس نواب حقيقي، كما هو حاصل في العراق، حيث يقوم مجلس النواب العراقي بدور هام ويمثل كل الاطياف.

وسوريا تحتاج الى النوع ذاته من مجلس النواب العراقي، وسوريا يجب ان تعطي بعض الإشارات بانفتاح بسيط، ذلك انه كيف نفسّر ان صحفاً لبنانية مؤيدة لسوريا ممنوعة من الدخول الى سوريا تحت عنوان الرقابة ومضمون هذه الصحف يؤيد النظام السوري، لكن الرقابة تمنعها خوفاً من وجود رأي بسيط ينتقد تصرفاً سورياً ليس جوهرياً بل سطحي.

كذلك ان ما تحضّره الدول الكبرى من خلال دعوتها كردستان الى تأجيل الاستفتاء 3 سنوات، ما هو إلا محاولة لتركيز دولة كردستان خلال 3 سنوات، وامتدادها الى اكراد سوريا، الذين تدعمهم الولايات المتحدة مباشرة وباتوا يسيطرون على 22 في المئة من الأراضي السورية، واذا حصل انفصال كردستان عن العراق وبداية تقسيم المنطقة فان الرد القومي والوطني يكون بوحدة سوريا والعراق، ونحن لا نقول بوحدة كاملة، بل نقول بهيئة تنسيق عليا تجمع القوى العراقية والسورية عسكرياً وشعبياً وتجعل المنطقة من شط العرب الى الجولان في ظل قوة استراتيجية إقليمية هي التنسيق بين العراق وسوريا ووحدة الأركان السورية – العراقية والتعاون فيما بينهما، وبخاصة ان الأنهر والبنى التحتية والشعب العراقي والسوري هما من أمّة واحدة وشعب واحد.

أخيرا نعود ونكرر اننا غير واهمين ولا نتكلم عن وحدة عراقية – سورية حاليا، بل نتحدث عن انشاء هيئة تنسيق عليا عراقية – سورية تجمع القوى المشتركة، وإذّاك، ستحسب القوى الإقليمية والأوروبية وأميركا وروسيا حسابا خاصا لهذه القوى السورية – العراقية الاستراتيجية.