يضع الذين يلعبون دور «محامي الشيطان» أي كلام حول الاستحقاق الرئاسي، في خانة التهويل وخارج سياق التطور المتحكم بمساره. وهذا ما أصاب تحذير رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن «الثمرة الرئاسية نضجت وأخشى سقوطها»، فهو بالتأكيد يعني ما يقول ويستشرف مآل المتاح راهناً، والذي ربما يصبح صعباً أو حتى مستحيلاً في مرحلة لاحقة.
والإشارات عن تغيير جذري سيصيب الاستحقاق الرئاسي «تسوية وترشيحاً» بدأت تخرج إلى العلن تباعاً. وفي كواليس القيادات السياسية كلام صريح فيه مضامين سلبية جدا، لجهة القول «إذا لم تحصل انتخابات رئاسة الجمهورية من الآن الى شهرين أو ثلاثة أشهر على أبعد تقدير، فإن فرص المرشحين الحاليين سوف تتقلّص لتبرز أسماء جديدة وفق معطيات مختلفة».
تتحدث أوساط سياسية قريبة من «8 آذار» عن أنه «إذا ذهبنا إلى تسوية سياسية في سوريا، وهذا مرجح، فسيُطرح سؤال من ضمن أسئلة عديدة، وهو: هل الرئيس بشار الأسد سيكمل على رأس سوريا أم لا؟ إلى اليوم، الموقفان الروسي والأميركي قريبان بعضهما من بعض، لجهة أن الأسد سيكمل ولايته الرئاسية الحالية. وإذا توصلوا إلى خريطة طريق تقوم على انتخابات مجلس شعب وانتخابات رئاسية مبكرة يقبل الأسد ويدخل الى الانتخابات في سوريا الموحدة استناداً الى مجالس أقاليم وحكومة موسعة تضم وجوهاً يرضى بها النظام وترضى بها المعارضة، ولكن الى اليوم الآلية لم توضع بنودها النهائية».
تقول الاوساط إن «الجانب الروسي يقول إن من حق الرئيس الأسد الدستوري أن يبقى على الأقل للولاية الحالية، وهو الذي حفظ وحدة الجيش والمؤسسات وبالتالي حفظ البلد، وهذا ايضا موقف الجانب الاميركي، الذي يضيف عليه الروسي حق الاسد بالترشح في أي انتخابات رئاسية لأننا بذلك نقفل على الماضي ونفتح صفحة جديدة لكل القوى السياسية».
تضيف الأوساط «اذا وصلنا الى هذا المستوى من مشروع التسوية في سوريا، واذا لم ينجز الاستحقاق الرئاسي وفق المتاح والممكن حالياً، سيصبح الجانب السعودي أمام واقع غير قادر على تغييره في سوريا، وبالتالي سيقول أنا سأعطي واشنطن وموسكو في سوريا فأين سآخذ في المقابل؟ ولماذا أعطي في لبنان من دون مقابل، ولماذا سأعطي سليمان فرنجية رئيساً إذا كانت النتيجة تمسك حزب الله والتيار الوطني الحر أكثر بتحالفهما الثنائي، إضافة إلى احترام فرنجية لرغبة حزب الله بعدم نزوله الى مجلس النواب».
توضح الأوساط أن كلاماً بدأ يتسرب من الرياض مفاده أن «المبادرة التي قامت بها السعودية عبر تشجيع الرئيس سعد الحريري على ترشيح فرنجية انتهت، لا بل دخلت السعودية بصراع كبير مع حزب الله، فما المكسب من إعطاء الحزب في الرئاسة شخصية قوية حليفة مثل سليمان فرنجية؟ لذلك فإن ثمة من يتوقع أن يتزامن الإعلان الصريح عن التراجع عن المبادرة مع بدء العملية السياسية في سوريا، وربما نجد أنفسنا بعد بضعة أشهر نبحث عن مرشح توافقي».
هل «حزب الله» يفضّل فرنجية رئيساً أم المرشح التوافقي؟ لا تتردد هذه الأوساط بالتأكيد أن «هذا الأمر لا يحتاج إلى تفكير أو سؤال لأن الحزب يفضل فرنجية حكماً. وفي حسابات اليوم حظوظ ميشال عون متراجعة جداً، وإذا حصلت الانتخابات الرئاسية، أي تأمن نصاب الثلثين، ينتخب سليمان فرنجية رئيساً بأغلبية مريحة جداً».
تلفت الأوساط إلى أنه «بالعودة إلى ثمرة بري الرئاسية التي نضجت، فإن خشيته من سقوطها تعني أنه إذا ذهبنا إلى مفاوضات جدية في سوريا فإن انعكاساتها على لبنان ستكون: تعالوا نبدأ رئاسياً من جديد.. أي من الصفر».