Site icon IMLebanon

قائد المعارضة السورية يتعهّد بحلّ الفصائل المسلحة

 

جيني غروس- نيويورك تايمز

إيوان وارد- نيويورك تايمز

 

أفادت وسائل الإعلام الرسمية السورية، أمس الثلاثاء، أنّ قائد التحالف المعارض الذي وصل إلى السلطة في سوريا منذ أكثر من أسبوع، أكّد أنّه سيتمّ حَلّ جميع الجماعات المسلّحة في البلاد، بينما تسعى الحكومة الجديدة إلى إعادة بناء دولة فاعلة.

بعد أكثر من أسبوع بقليل من سقوط الرئيس بشار الأسد، سعت السلطات الجديدة في العاصمة السورية دمشق إلى إظهار الاستقرار بعد ما يقرب من 14 عاماً من الحرب الأهلية.

 

 

وأعلن أحمد الشرع، قائد التحالف المعارض، يوم الاثنين، أنّ جميع الجماعات المسلحة في البلاد سيتمّ حلّها وإخضاع مقاتليها إلى سلطة وزارة الدفاع، وفقاً لبيان نشرته وكالة الأنباء السورية (سانا)، وهي وكالة الأنباء الرسمية، مضيفاً: «الجميع سيخضع إلى القانون».

 

لم يتضح من تصريحات الشرع كيف أو متى سيُحقّق ذلك، أو ما إذا كانت الفصائل المسلحة المتنافسة في البلاد ستوافق. ولا تزال الولايات المتحدة وعدة دول أخرى تعتبر «هيئة تحرير الشام»، الجماعة المعارضة التي يقودها الشرع، منظمة إرهابية، وهو تصنيف يَحدّ بشدة من المساعدات التي يمكن للدول والمنظّمات تقديمها للحكومة الجديدة. لكنّ القادة الجدد لسوريا عقدوا اجتماعات مع ديبلوماسيّين غربيّين في مسعى للاعتراف الدولي بشرعية حكومتهم.

 

تأتي هذه الجهود للحفاظ على القانون والنظام، فيما تحاول الحكومة السورية الجديدة إعادة تشغيل المؤسسات العامة. وتجري التحضيرات لإعادة فتح المطارات الدولية، فيما بدأت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) في بَثّ نشرات إدارية تتعلق بأسعار الصرف الصادرة عن البنك المركزي وإعلانات التوظيف للشرطة.

 

وكانت «سانا»، التي كانت ذات يوم ذراعاً لنظام الأسد، تنشر تحديثات يومية حول هذه الجهود لبناء الدولة، في محاولة واضحة لتهدئة المخاوف بشأن أي حالة عدم استقرار محتملة.

 

 

وبدأ العمل على إعادة فتح المطارَين الرئيسيَّين في سوريا، في دمشق وحلب، وفقاً لـ(سانا). ويوم الاثنين، نشرت الوكالة الحكومية صوراً على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر أرضيات نظيفة ولافتات ترحيب في مطار حلب، وهو تبايُن حاد مع الصوَر السابقة للمقاتلين المسلّحين الذين كانوا يتجوّلون في مبنى المطار بعد الاستيلاء عليه في تقدّم سريع للمعارضة قبل أسابيع.

 

وفي منشور آخر أمس الثلاثاء، أفادت «سانا» عن اجتماع بين كبار الديبلوماسيّين البريطانيّين والشرع. وكان هذا أحدث لقاء ضمن سلسلة من الاتصالات المبكرة المخطّط لها بين التحالف المعارض وديبلوماسيّين من الأمم المتحدة والشرق الأوسط وأوروبا.

 

وقد استبدل الشرع، الذي كان يُعرف سابقاً باسمه الحركي «أبو محمد الجولاني»، زيّه العسكري المعتاد ببدلة رسمية داكنة اللون، وحَثّ بريطانيا خلال الاجتماع على رفع العقوبات عن سوريا وإعادة العلاقات بين البلدَين، وفقاً لما نقلته «سانا».

 

وأعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوّضية الأوروبية، أمس الثلاثاء أنّ الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى مواصلة تواصله مع «هيئة تحرير الشام» والفصائل الأخرى في سوريا للمساعدة في إعادة بناء البلاد.

 

 

وأضافت في تصريحات من أنقرة بجانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: «سنحتاج إلى بدء نقاش حول تخفيف العقوبات. لكن هذا لا يمكن أن يحدث إلّا إذا تحقّق تقدّم حقيقي على الأرض باتجاه انتقال سلمي».

 

وأكّدت فون دير لاين التزام أوروبا بدعم إعادة إعمار سوريا، مشيرةً إلى أنّ أول دفعة من الإمدادات التي تبرّعت بها أوروبا ستصل في الأيام المقبلة. وأعلنت المفوّضية الأوروبية الأسبوع الماضي أنّها ستقدّم أكثر من 100 طن من المواد الغذائية والأدوية والإمدادات الصحية إلى سوريا.

 

وفي ما يتعلّق بالاقتراحات التي طرحها بعض السياسيّين الأوروبيّين بشأن مطالبة اللاجئين السوريّين في أوروبا بالعودة إلى بلادهم، أوضحت فون دير لاين أنّ غياب التوقعات الواضحة لمستقبل سوريا القريب يعني أنّ العودة لا يمكن أن تحدث إلّا طواعية.

 

ومنذ تولّي القادة الجدد في سوريا السلطة، كانت هناك مخاوف من انهيار الأمن ووقوع هجمات انتقامية ضدّ مؤيّدي نظام الأسد. وأكّدت «هيئة تحرير الشام» الأسبوع الماضي أنّ الحكومة الجديدة في سوريا ستلاحق كبار المسؤولين في نظام الأسد المتورّطين في الجرائم، بينما سيحصل الجنود من الصفوف الدنيا على عفو. ودعت الحكومة الانتقالية جنود وضباط النظام السابق إلى تسليم أنفسهم في مراكز «المصالحة» التي يتمّ إنشاؤها في جميع أنحاء البلاد.

 

 

وأوضح الشرع عبر تطبيق «تليغرام»: «لن نتساهل في محاسبة المجرمين والقتلة والمسؤولين الأمنيّين والعسكريّين المتورّطين في تعذيب الشعب السوري». وأضاف أنّ الجماعة المعارضة ستعلن قريباً عن «القائمة رقم 1» التي تتضمّن كبار الشخصيات «المتورّطة في تعذيب الشعب السوري».

 

وفيما تحاول السلطات الجديدة في سوريا تحقيق توازن بين دعوات العدالة وضرورة الاستقرار، كثّفت في الأيام الأخيرة الدعوات للمواطنين للانضمام إلى جهاز الشرطة في البلاد، والذي كان ذات يوم أداة مرعبة ضمن جهاز أمن نظام الأسد. وفي سلسلة من المنشورات على «سانا»، أعلنت وزارة الداخلية الجديدة أنّ بإمكان المتقدّمين التسجيل في أكاديميات الشرطة في دمشق والمدن الكبرى الأخرى، وأشارت إلى رابط تسجيل لبدء العملية.

 

وتطوّرت «هيئة تحرير الشام» من فرع لتنظيم القاعدة، لكنّ التحالف حاول في السنوات الأخيرة التخلّي عن جذوره المتطرفة، وهو تحوّل اعتبره المحلّلون أنّه يهدف إلى كسب وِدّ الغرب. وركّز الشرع على إعادة الإعمار والشمولية في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» ووسائل إعلام أخرى يوم الاثنين، لكنّه لم يُقدّم تفاصيل كثيرة حول كيفية تنفيذ مقترحات الحكومة الجديدة، مضيفاً: «لقد تَعِبت سوريا من الحروب، ونريد بناء دولة ومؤسسات بعيداً من الصراعات».