رجا عبد الرحيم- نيويورك تايمز
ذكرت تقارير أنّ القوات الحكومية السورية تُرسل المزيد من التعزيزات لحماية أهم معاقلها، بما في ذلك العاصمة دمشق ومدينة حمص الرئيسية.
يوم أمس الجمعة، واصلت المعارضة السورية تقدّمها جنوباً باتجاه مدينة حمص الكبرى، مستوليةً على بلدات على طول الطريق، وفقاً لتصريحات المعارضة ومراقبين للنزاع، في الوقت الذي كانت فيه القوات العسكرية تحاول التصدّي لهذا التقدّم السريع الذي يبدو أنّه فاجأ الحكومة.
قامت القوات العسكرية ببناء سواتر ترابية ونفّذت غارات جوية على طريق سريع رئيسي بينما كانت المعارضة تتحرّك جنوباً من مدينة حماة، التي سيطرت عليها المعارضة قبل يوم بعد انسحاب القوات الحكومية.
جاء هذا التقدّم المفاجئ للمعارضة، الذي أطلقته الأسبوع الماضي تحالفات من مجموعات المعارضة بقيادة تنظيم «هيئة تحرير الشام» الإسلامي، ليغيّر بشكل حاد مشهد الحرب الأهلية السورية المستمرّة منذ 13 عاماً بعد فترة طويلة من الجمود.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ قوات الرئيس السوري بشار الأسد تُعيد نشر جنود من مناطق أخرى في البلاد لتعزيز أهم معاقل الحكومة، بما في ذلك العاصمة دمشق ومدينة حمص، التي قد يمثل فقدانها ضربة كبيرة لحكومة الأسد وحلفائها.
ويأتي تقدّم المعارضة في وقت يعاني فيه أبرز داعمي الأسد من نقاط ضعف. فقد اعتمد النظام السوري على إيران وحليفها في لبنان «حزب الله»، بالإضافة إلى روسيا، في قتال المعارضة خلال سنوات الحرب. لكنّ الضربات الصاروخية الروسية لمحاولة إبطاء التقدّم الأخير للمعارضة كانت محدودة نسبياً، وهو ما يراه المحللون دليلاً على قدرة روسيا المحدودة على تقديم الدعم للأسد في ظل حربها في أوكرانيا.
تكتسب مدينة حمص أهمية كبيرة لوقوعها في قلب ممر برّي حيَوي يَمتد من لبنان إلى إيران، ويُستخدم كخط إمداد ترسل من خلاله طهران أسلحة وإمدادات وأفراداً إلى «حزب الله»، الحليف الإقليمي الأهم لسوريا.
يوم أمس الجمعة، استهدفت القوات العسكرية السورية بدعم من روسيا مقاتلي المعارضة وآلياتهم شمال وجنوب مدينة حماة، باستخدام المدفعية والصواريخ والغارات الجوية. ووفقاً للإعلام الرسمي السوري، قُتل وأُصيب عشرات من مقاتلي المعارضة.
وكانت المعارضة قد سيطرت نهاية الأسبوع الماضي على مدينة حلب الشمالية، التي كانت مركزاً تجارياً سابقاً وإحدى أكبر المدن في البلاد. وقد شكّلت خسارة حلب وحماة هزائم كبرى للأسد. وبعد الانسحاب من حماة يوم الخميس عقب عدة أيام من القتال، أصدرت القوات السورية بياناً نادراً يشرح سبب التراجع، مشيرةً إلى أنّها تسعى إلى تجنّب المعارك داخل المدينة حفاظاً على أرواح المدنيّين.
لكنّ التضحية بحماة تتيح لحكومة الأسد إعادة توجيه مواردها العسكرية المحدودة وقوّاتها إلى المناطق التي تعتبرها أكثر أهمية.
يشمل ذلك محافظة حمص وعاصمتها التي تحمل نفس الاسم. وفي إشارة إلى تصاعد التوترات، أصدرت السفارة الروسية في دمشق بياناً يُحذّر الروس من «الوضع العسكري والسياسي الصعب في سوريا». وأضافت السفارة أنّها تُذكّر الروس بـ«إمكانية مغادرة البلاد عبر الرحلات التجارية من المطارات العاملة».
من جانبها، أعلنت إسرائيل أنّها تعزّز قواتها في مرتفعات الجولان التي تحتلها منذ حرب 1967، في أعقاب تقدّم المعارضة. وفي بيان، أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه «مستعد لجميع السيناريوهات، الهجومية والدفاعية».
لطالما كانت إسرائيل على خلاف مع الأسد وإيران، لكنّ التداعيات المحتملة لإسرائيل إذا امتدّ النزاع إليها لا تزال غير واضحة.