انطلاق الثورة السورية في العام 2011 لم يحدث صدفة ولا من دون مقدّمات، بل إن لتلك الثورة أسبابها ومبرراتها، بل إن هناك جملة أسباب رئيسية منها:
أولاً: مطالب الثوار وهي بسيطة جداً… فهم طالبوا بالحريات والديموقراطية وانتخابات وحرية إعلامية. إنّ هذه المطالب هي بكل بساطة مطالب أي شعب يريد أن يحيا بكرامة ويتمتع بحريته وينال حقوقه.
ثانياً: شئنا أم أبينا.. فإنّ هناك نظامين في العالم اليوم:
ألف- نظام عالمي ناجح وهو العالم الحر والديموقراطي.
باء- نظام عالمي فاشل وهو العالم الذي يعتمد الديكتاتورية، ويبتعد عن الحريات والديموقراطية.
من هنا أبدأ لأقول:
إنّ نصف الشعب السوري هو اليوم خارج سوريا، وهو يناهز الـ12 مليون مواطن. يبقى عدد مماثل من السوريين داخل سوريا… فكم من هؤلاء هم مع النظام؟
لقد أخبرنا أحد الأصدقاء السوريين من مسيحيي الساحل السوري ان نصف المقيمين الآن في سوريا هم ضد نظام بشار الأسد حتى من العلويين، ويشتمون النظام خفية لأسباب عدّة أهمها: فقدان أهم مقومات الحياة، فلا خبز ولا كهرباء ولا وقود للتدفئة أو للتنقل… بمعنى أدق، لقد صارت الحياة داخل سوريا جحيماً لا يُطاق، ولا يقوى أي مواطن عادي على التكيّف والتأقلم مع هذه الحياة المستجدة… ما يعني ان الرئيس السوري بشار الأسد لا يُقنع ربع سكان سوريا الأصليين على أبعد تقدير… فالنظام في مثل هذه الحال فشل فشلاً ذريعاً في تثبيت وجوده، رغم ما يدّعيه من نصر وثبات وإقدام… ورغم ما يصوّره الكثيرون لهذا النظام من «تجميلات» هي في الحقيقة واهية ووهمية.
ونسأل: كيف نجح بشار الأسد في سوريا؟
– هل قتل مليون ونصف مليون مواطن من الشعب السوري هو نجاح؟
– هل تدمير العلاقات العربية مع سوريا هو نجاح؟
– هل الاحتلال الاميركي لسوريا هو نجاح… وبخاصة نهبه ثروات سوريا النفطية والغذائية؟
من هنا أقول: لا يمكن التوصّل الى حل في سوريا ما لم تتحقق مطالب الشعب السوري. وأذكّر بأن ادعاءات إيران بالمساعدة على إعادة إعمار سوريا، ادعاءات فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع… فليذهب الايرانيون الى بلادهم أولاً… ليعملوا على إعادة إعمارها وبنائها وتنفيذ رغبات شعبهم القابع في الفقر والحرمان والتعتير.
فلتحاول إيران إصلاح «بيتها» أولاً، قبل أن تحاول مساعدة غيرها في عملية إعادة الإعمار…
ولأكن صريحاً أكثر فأقول: مهما تعدّدت الأقوال وتنوّعت الأفكار، فإنّ الحلّ بديهيّ وبسيط… وهو خيار بين خيارين لا ثالث لهما:
أولاً: تغيير النظام الحالي و»قبعه» من الوجود والتخلص منه لأنه سبب هذا الدمار والخراب كله… وهو الذي ساهم في تأزيم الوضع وتقتيل الشعب وزيادة حجم المحن والمشاكل.
ثانياً: محاولة تغيير الشعب السوري كله عن بكرة أبيه، فيتخلص النظام من شعبه ويستتب له الأمر.
إنّ أي عاقل يعرف كيف وماذا يختار من هذين الخيارين:
الحل يا سادة بسيط جداً… الإبقاء على الشعب السوري والإطاحة بالنظام… عندها تتخلص سوريا من كل مآسيها وأزماتها وتعود الى حضنها العربي قويّة معافاة… ويساهم أبناؤها مع أشقائهم العرب في إعادة بناء ما هدّمه وخرّبه النظام الفاشل.