Site icon IMLebanon

السياسة السوريالية والانجاز المبهر تحت السقف العربي الواحد!

تشهد تطورات الأحداث في هذه المرحلة مفارقات مثيرة للدهشة، ومستعصية على الفهم أحيانا. من مظاهر ذلك تحقيق انجازات بالغة الأهمية بل ومبهرة، وفي المقابل يخيّم طابع السريالية وغير المفهوم بين أفرقاء الصراع، وفي خطابهم السياسي. ومن اللافت ان هذا المشهد نفسه يتكرّر الى درجة التطابق في بلد صغير وهشّ مثل لبنان، في منطقة هذا الاقليم المضروب بأعاصير الحروب والاشتباك السياسي الساخن، والاشتباك العسكري والأمني الملتهب. ولا يخلو المسرح الدولي من ملامح هذه المفارقات المتناقضة أيضا!

في لبنان مثلا، تبدأ المفارقان على الخفيف بالترحم على عدم اجراء الانتخابات الفرعية في منطقتي طرابلس وكسروان. كل شيء يبدأ من الدستور وينتهي فيه. وقد نصّ الدستور على وجوب اجراء الانتخابات الفرعية اذا شغر المقعد النيابي وبقيت ستة أشهر من ولاية المجلس الممتدة الى أربع سنوات. والستة أشهر تمثل نصف ربع مدة الولاية، وعمليا هي فترة قصيرة وغير حرزانة لاجراء الانتخاب الفرعي. ومن المقنع أكثر اجراء هذا الانتخاب اذا بقيت سنة واحدة من ولاية المجلس وتمثل ربع الولاية. وكان من الممكن اجراء تعديل دستوري في جلسة نيابية تستغرق دقائق في اطار التوافق، بهذا الاتجاه ويزول بذلك هذا الاشكال!

في لبنان أيضا، يحقق الجيش اللبناني انجازا مبهرا بتحرير جرود رأس بعلبك والقاع في فسحة زمنية قصيرة، وقبل ذلك تحرير المقاومة جرود عرسال، من عناصر أعتى وأشرس ظاهرة وحشية للارهاب في هذا العصر. وقبل ذلك تحقق مخابرات الجيش ومجموع الأجهزة الأمنية وفي الطليعة المديرية العامة للأمن العام، انجازا مبهرا واعجازيا غير مسبوق في المنطقة وحتى في العالم، بالأمن الاستباقي الذي يفكك ويقهر الخلايا الارهابية النائمة. ومع ذلك، تقلب الممارسة السياسية الضحلة والخاوية أجواء الانتصارات المؤزرة، الى مشهد سريالي سخيف ومضحك، في محاولة لتطبيق المثل القائل: النصر له ألف أب اما الفشل فيتيم!

قافلة الجمال بأحجامها الكبيرة والشاهقة قد يقودها مخلوق ضعيف وصغير الحجم كالحمار مثلا. غير أن قوانين الطبيعة التي تسري على غير العاقل، لا يمكن تطبيقها في السياسة على المخلوقات العاقلة مثل البشر. وعصفت أزمة طاحنة بدول مجلس التعاون الخليجي بسبب طموحات دولة صغيرة مثل قطر لقيادة حتى العالم العربي الشاسع واخضاعه لسيطرتها. والأخطر من ذلك ان الطموح اذا كان مشروعا، فان تحقيقه بالوسائل غير النظيفة وغير المشروعة هو الجانب الكارثي من القضية! وبينما تشكو دول عربية من هذا الواقع السوريالي، فانها تفعل ما يماثل الفعل القطري بفرض مواقف على دول عربية صغيرة أخرى لا تناصبها العداء أصلا! هذا في حين تبزغ خيوط فجر جديد يمهّد لانهاء الحرب المزرية في البلد الخربان سوريا!

انها مفارقة تساكن السياسة السوريالية والانجازات المبهرة تحت السقف العربي الواحد!