منذ تاريخ بدء الأحداث في سوريا عام ٢٠١١ عجز لبنان أمام حل معضلة اللاجئين السوريين الذي يقدّر عددهم بمليونيّ شخص، معظمهم تسلّلوا الى لبنان ولا يملكون أوراقاً نظامية، استوطنوا في تجمعات ومخيمات يقارب عددها ثلاثة آلاف انتشرت عشوائياً في المناطق اللبنانيّة، في حين يرتفع منسوب الغضب لدي المجتمع المضيف بسبب تقاعس الأمم المتّحدة والمفوضية الأممية لشؤون اللاجئين في اعادتهم الى بلدهم فوراً او إعادة نقلهم أو توطينهم في دول مضيفة أخرى.
ويُخشى أن يتفاقم العنف بوتيرة سريعة بين اللاجئين السوريين المتسللين الى لبنان وبين المجتمع المضيف الذي يطالب بترحيلهم لأسباب عدة وعلى الأخص تلك المتعلقة بالجانب الأمني، حيث تشير الاحصاءات أنّ ٤٢ بالمئة من نزلاء السجون هم من السوريّين، والعدد في ازدياد دائم مع ارتفاع نسبة الجرائم التي يرتكبونها، وخاصة الجرائم الجنائية مثل القتل والاغتصاب والسطو المسلح والخطف والمتاجرة بالمخدرات وترويجها والتهريب وحمل السلاح والتزوير ومزاولة العمل التجاري والمهن دون ترخيص. وما يزيد من مخاوف اللبنانيّين الحديث المتكرر عن إمكان تحوّل المخيمات السورية إلى مخيمات مسلّحة، لأن أكثرية السوريين مدرّبون على السلاح خلال خدمتهم الإجباريّة في الجيش السوري. وهناك أيضاً خشية اندلاع نزاع مسلح بين أطراف السوريين أنفسهم، وتحديداً بين العناصر الموالية للنظام السوري وتلك التي تعارضه، وانتشاره بشكل يُشكل خطراً على الأمن اللبناني.
وعليه، وضعت الحكومة خطّة لترحيل السجناء السوريين إلى بلادهم، وكلّفت وزير العدل القاضي هنري الخوري البحث في تسليم حوالي ١٨٠٠ من الموقوفين والمحكومين للدولة السورية بشكل فوري مع مراعاة القوانين والاتفاقيات ذات الصلة والتنسيق بهذا الخصوص مع الدولة السورية. إلّا ان ترحيل هؤلاء يصطدم بمعوقات إدارية في ظل تعطّل العمل القضائي وثقل كاهل المحاكم بالملفات والقضايا المتراكمة وتطيير الجلسات، إضافة الى معوقات قانونية اوّلها قانون العقوبات الذي يمنع ترحيل أي شخص أجنبي ارتكب جريمة على الأراضي اللبنانية إلّا بعد انتهاء محاكمته، وانقضاء مدة العقوبة المحكوم بها عليه.
وفي ظلّ ارتفاع نسبة الجرائم التي يرتكبها اللاجئون السوريون واكتظاظ السجون ومراكز التوقيف، بات لزاماً على الدولة اللبنانية إيجاد مسوّغات قانونيّة لترحيل السجناء السوريّين بأسرع وقت ممكن. احدى الحلول يكون في دراسة كل ملف من ملفات السجناء السوريين على حدة ورفع توصية بترحيل الموقوفين بالتنسيق مع الجانب السوري إذا ثبت أن ثمة من لديه ملفات قضائية في سوريا بحيث تستكمل محاكماتهم هناك عملاً بالمواد ٣١ و٣٢ و٣٣ و٣٥ من قانون العقوبات على أن يطلب الجانب السوري استرداد رعاياه.
أما إذا لم تكن لديهم ملفات قضائية في سوريا، فلا يمكن تسليمهم إلّا من خلال معاهدة بين لبنان وسوريا تطبيقاً للمادة ٣٠ من قانون العقوبات، أو من خلال إجراء تعديل على قانون العقوبات في المواد التي تُعنى باسترداد الأجانب.
إذ نثمّن جهود وزير العدل القاضي هنري الخوري في متابعة ملف السجناء السوريّين والعمل على ترحيل المجرمين منهم، ووزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي بخصوص الإجراءات الأمنية المتّخذة وموقفه الواضح تجاه مفوضية اللاجئين لجهة رفض لبنان إعطاء اللاجئين المتسللين الى لبنان أية إقامات، نطلب من الحكومة اللبنانية العمل على إيجاد مسوّغات لترحيل السجناء السوريّين بأسرع وقت، ومواصلة تدابير القوى الأمنية والجيش بحق المخالفين والمجرمين، ومتابعة الحملات الأمنيّة في مخيّمات اللاجئين بحثاً عن أسلحة وممنوعات وتوقيف المرتكبين، حفاظاً على أمن اللبنانيّين، ونزعاً لفتيل الفتن والاحتقان والانفجار، وحتى لا يتم دفعهم نحو الأمن الذاتي واستيفاء الحق بالذات.