استغلال عدد لا بأس به من النازحين السوريين في لبنان حصولهم على المساعدات المالية من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ليس ايجابا، اي لتأمين احتياجاتهم لعائلاتهم الذين اتوا بهم الى لبنان هربا من نيران الحرب السورية، وتمرير الوقت لحين انتهاء الحرب والعودة الى اراضيهم. العكس حصل وتبين ان هؤلاء لا يسعون للبقاء في لبنان مؤقتا، بل يريدون ان يبقوا دوما.
وخير دليل على ذلك ان العائلة السورية التي هربت من القذائف والنيران المشتعلة في سوريا، والتي كانت مكونة من خمسة اطفال ازدادت عدداً، وهكذا ارتفعت نسبة الولادات، وكذلك تعدد الزوجات، وباتت مخيمات النازحين السوريين مكتظة وغير قادرة على استيعاب اعدادهم في لبنان.
ووفقا لـ «ستاتيستيكس ليبانون»، وصل عدد النازحين السوريين في لبنان الى مليونين و43 الفا في 30 آذار من العام الجاري، وارتفاع عددهم ليس كله مرتبطا بنزوح اعداد جديدة جراء الحرب في سوريا، بل هذا الارتفاع جاء نتيجة تصرف النازحين السوريين بانهم في اراضيهم لا في دولة مضيفة احتضنتهم ليكونوا في امان في مخيماتهم.
وبمعنى آخر، استخدم النازح السوري المساعدة المالية لينمي عائلته فتزداد عددا بدلا من ان يوظف هذا المال للعيش بكرامة ضمن حدود حرية النازح. ذلك ان حرية «النازحين السوريين في لبنان» تنتهي عندما تبدأ حرية «اللبنانيين». الا ان النازح السوري لم يحترم حدوده، وتحولت حريتهم الى حرية متفلتة، الى ان سادت الفوضى على مصراعيها، وبدأت المشاكل والنزاعات بين نازحين سوريين ولبنانيين، وتزداد في ظل انهيار اقتصادي ومالي يشهده لبنان.
هنا سيقول كثيرون ان هذا الكلام عنصري، ولكن الحقيقة ان هذه الوقائع حصلت وعدد النازحين السوريين في لبنان ليست ارقاما وهمية، بل هي حقيقية. وبالتالي لا يمكن لاحد ان يتهم اللبناني بانه يفتقد للانسانية، ويصب غضبه على النازح السوري وهو يعاني الامرين، من التدهور الاقتصادي المستمر، فضلا ان جزءا كبيرا من العواقب الكارثية التي عرفها المجتمع اللبناني، هو عبء النازحين السوريين على اقتصاد لبنان الذي لا يحتمل هذه الاعداد.
وببساطة، مع وصول عدد النازحين السوريين الى ما يوازي نصف سكان لبنان، ومع غياب الانضباط في المخيمات، من الطبيعي ان تنفجر ازمة النزوح السوري في لبنان، وان تطالب الدولة اللبنانية والشعب بعودتهم الى اراضيهم. وبات من اليوم وصاعدا استمرار جهات مدعومة دوليا بتمويل النازحين هو مؤامرة على لبنان وعلى شعبه. وقصارى القول لا يمكن ان يجوع اللبناني ويشّرد على ارضه ويهاجر من بلاده، في حين يبقى النازح السوري على الاراضي اللبنانية مؤمنا، ويحصل على «فريش دولار»، خاصة ان الحرب في سوريا انتهت واضحت العودة الى بلدهم غير محفوفة بالخطر.
في الوقت ذاته، يعلم اللبناني جيدا ان النازح السوري ليس وحده يريد البقاء في لبنان، بل ايضا الامم المتحدة والولايات المتحدة واوروبا التي تعمل على ابقائهم في الدول المضيفة لهم، ولذلك تزودهم بالمال كي يتمكنوا من البقاء. انها المؤامرة بحد ذاتها على لبنان الذي يواجه حصارا من هذه الدول لارضاخه في نهاية المطاف بهدف الموافقة على مطالب المجتمع الدولي بتوطين النازحين السوريين.
وهنا، عرف لبنان في السبعينات محاولات لتوطين الفلسطينيين على ارضه لحرمانهم من العودة الى ارضهم التي احتلها العدو الاسرائيلي، وقد ظهرت شريحة كبيرة من اللبنانيين بوجه هذا المخطط وكان لها النصر. اما النازحون السوريون فلم يحتل ارضهم عدو، بل حصل نزاع داخلي بين السوريين، وبالتالي عليهم الرجوع الى الاراضي السورية. طبعا اللبناني لن يقع في كمين النزاعات المسلحة مع الوجود السوري، خاصة ان هناك اجماعا لبنانيا على عودتهم خلافا لما حصل مع اللاجئين الفلسطينيين في السبعينات والثمانينات، بل سيواصل ديبلوماسيا وبالضغط السياسي، الى ان يحقق هدفه ويحبط مخطط اوروبا والامم المتحدة بسعيها لابقاء النازحين السوريين في لبنان.