قد يكون في العنوان، للوهلة الأولى، شيء من الغرابة، لكن عندما يُعرَف السبب يبطل… الاستغراب. معظم النازحين السوريين، ولا سيما منهم أولئك الذين يقيمون بطريقة غير شرعية، ومن دون أوراق قانونية، يجدون في كثير من رؤساء البلديات والمخاتير الغطاء والملاذ لإقامتهم، سواء بالاحتيال على القوانين المرعية الإجراء، او بتزوير الأوراق بمساعدة مخاتير وغطاء من رؤساء بلديات.
معظم هؤلاء تمرَّسوا في المخالفات، ليقينهم بأن لا انتخابات، وبالتالي لن يحاسبهم الناخب، علماً أنّه يعرف كيف يميِّز رئيس البلدي الآدمي، من المرتشي، وكما يُقال: «البلد صغير، والناس يعرفون بعضهم بعضاً»، ولو كانت هناك انتخابات بلدية في موعدِها، لكان رؤساء البلديات المخالِفون تهيبوا الموقف، لأن زمن الحساب يكون قد اقترب، أما وأن التمديد هو المرجَّح، فلا بأس بالمخالفات لسنة إضافية.
المخالفات هنا تعني التمديد لبقاء النازحين السوريين المخالفين، فلو أن كل بلدية عالجت قضية النازحين لديها، لَما كانت هناك حاجة إلى تعداد أو إحصاء، فباستثناء المدن الكبرى، وهي تُعد على اصابع اليد الواحدة، بإمكان كل بلدية أن تحصي المقيمين ضمن نطاقها، سواء من لبنانيين أو سوريين، وبالنسبة إلى النازحين السوريين، يجري إحصاء الذين لديهم أوراق قانونية وأولئك المخالفين.
في حال التمديد للمجالس البلدية والإختيارية، ستشهد البلدات والقرى اللبنانية «تمديداً» للمخالفات، لأنه لن يكون هناك مَن يحاسب، ولأنّ «هيبة صناديق الإقتراع» ستكون مفقودة. بهذا المعنى، فإنّ النتيجة المباشرة للتمديد للبلديات، ستكون تمديداً لمخالفات النازحين، وتأسيساً على ذلك، فإنّ الذين سيصوِّتون على التمديد للبلديات، كأنهم يصوِّتون على التمديد لبقاء النازحين السوريين، ولا سيما النازحين منهم، خصوصاً أنّ الكثير من البلديات في وضع المنحلَّة، والأمور متروكة للقائمقامين وللمحافظين، ما يتيح استسهال المخالفات، والمعلوم أن بعض القائمقامين في حال «الإنابة» أو»الوكالة» أو «التكليف»، فإذا كان القائمقامون بالأصالة يجدون صعوبة في معالجة عبء النازحين، فكيف مَن هم في وضع الإنابة أو التكليف أو الوكالة؟
انطلاقاً من هذا الواقع، فإن التمديد للمجالس البلدية هو «جريمة تشريعية موصوفة»، والمواطن اللبناني الذي يكتوي من مزاحمة النازح السوري له، في كل المجالات، سيجد ممثلي الأمّة منحازين إلى النازح المخالف وسيقدِّمونه على المواطن، ويعطونه «صك تمديد» لبقائه في لبنان من خلال التمديد للمجالس البلدية، التي تحميه، بدل محاسبتها في صناديق الإقتراع.
في حقيقة الأمر، إنّ الذين يسيرون بالتمديد للمجالس البلدية، يخشون من أنه في حال جرت الإنتخابات، فقد ينكشف تراجع شعبيتهم في البلدات والقرى، وعندها يكون شعارهم: «ألف مرة تمديد، ولا مرة انكشاف تراجع الشعبية». مبروكٌ للنازحين المخالفين، كُتبَت لكم إقامة لسنة جديدة، والفضل لبعض ممثلي الأمة الذين يجب ألا ينسى مَن انتخبهم «فعلتهم المشينة».