يوجد أكثر من مليونيّ لاجئ سوري في لبنان ومنهم قرابة مليون وربع المليون موجودين بشكل غير شرعي. تذرّع هؤلاء بهروبهم من سوريا الى لبنان خوفاً على حياتهم لكنّهم شاركوا في إعادة انتخاب الرئيس السوري ويقومون بزيارة سوريا بشكلٍ دوري، ممّا يسقط صفة «اللاجئ» عنهم ويحرمهم من التذرّع بحقّ الحماية من الترحيل. ويسعى الكثير منهم للاستفادة من تقديمات المنظمات الأمميّة والدولية الى جانب القيام بأعمال تجارية خاصة. وللدلالة يقدّر الحدّ الأدنى للأجور الشهريّة في سوريا بنحو ٢٠ دولارا، وهي تساوي الأجر اليومي للعامل السوري في لبنان، وعليه يعبّر اللاجئون عن عدم رغبتهم في العودة الى سوريا لدواعٍ اقتصادية لا أمنيّة.
ما تقدّم يضع اللجوء السوري بمجمله في خانة اللجوء الاقتصادي وليس السياسي، ما يسهّل عمليّة إعادتهم الى سوريا بالاستناد الى الشرعة الأمميّة التي تنصّ على أنّ كل من يغادر بلده لمجرّد أسباب اقتصادية أو شخصية، فلا توجد أسباب كافية للاعتراف به كلاجئ أو شخص بحاجة إلى حماية فرعية، وبالتالي لن يُمنح حق اللجوء.
لتسريع إعادة السوريين، خصوصاً القاطنين غير الشرعيين في لبنان، ومنع تدفق المزيد منهم، يتوجّب على الدّولة اللبنانية وحكومتها وبلديّاتها وأجهزتها الأمنيّة اتخاذ التدابير الصارمة التالية:
أولاً – التنسيق مع الحكومة السورية بشأن إعادة رعاياها، وعدم تقديم أي تنازلات أو القبول بالتسويف والمماطلة، ووضع مخطط تنسيقي بين الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة والسوريّة لعودة الرعايا السوريين الى كنف دولتهم، بغضّ النظر عن ربط النظام السوري بين إعادة الإعمار في سوريا وعودة اللاجئين.
ثانياً – الطلب الى الدّول الأوروبية والمنظمات الدوليّة تقديم الدعم المالي واللوجستي والإنساني داخل سوريا للمجتمعات التي تستقبل اللاجئين العائدين، ووقف كلّ دعم مباشر أو غير مباشر للاجئين داخل لبنان، بالإضافة الى دعم لبنان بالأموال والعتاد لمنع أي تدفّق غير شرعي للاجئين عبر معابر التهريب على طول سلسلة جبال لبنان الشرقية.
ثالثاً – زيادة التنسيق بين مختلف الوزارات والأجهزة الأمنية والبلديات ومؤسسات الدولة اللبنانيّة المعنية للتشدد في ضبط الحدود وتنظيم وجود اللاجئين وتنقلاتهم وإعطاء الاذونات بالتجول، بالإضافة الى منعهم من قيادة السيارات والدراجات الناريّة بحسب القوانين المرعية الإجراء.
رابعاً – الإيعاز الى الأمن العام بوقف طلبات منح وتجديد إقامات الأجانب بدون رخصة عمل صادرة عن وزارة العمل، وعليه ترحيل كلّ المخالفين لنظام الإقامة دون أي استثناءات. بالإضافة الى ترحيل الذين لا يحوزون على طلبات لجوء أو رفضت طلباتهم أو لم يتم احترام المهل المحددة في القانون اللبناني، وذلك عملاً بمذكرة التفاهم الموقّعة بين الأمن العام اللبناني والمكتب الإقليمي للمفوضية عام ٢٠٠٣، معطوفة على المرسوم رقم ١١٢٦٢ لعام ٢٠٠٣.
خامساً – منع تأجير المخالفين لنظام الإقامة أو الذين لا يحوزون على طلبات لجوء أو رفضت طلباتهم أو لم يتم احترام المهل المحددة في القانون اللبناني. بالإضافة الى فرض غرامات وعقوبات بالحبس لمن يقوم بتأجير أجنبي يخالف نظام الإقامة.
سادساً – منع الخدمات عن المخالفين لنظام الإقامة والذين لا يحوزون على طلبات لجوء، بما في ذلك التحويلات المصرفية وتقديمات منظّمات الأمم المتّحدة، والطبابة والاستشفاء في المؤسسات الطبيّة اللبنانيّة، والتعليم في المدارس والمعاهد والجامعات اللبنانية.
سابعاً – التنسيق مع الجهات السوريّة لترحيل السجناء السوريين المحكومين للدولة السورية إلى بلادهم مع مراعاة أحكام الاتفاقية القضائية بين لبنان وسوريا لعام ١٩٥١، وعملاً بالمواد ٣١ الى ٣٥ من قانون العقوبات اللبناني. بالإضافة الى ترحيل السجناء السوريين الذين ليس لديهم ملفات قضائية في سوريا، بموجب الاتفاقية القضائية وتطبيقاً للمادة ٣٠ من قانون العقوبات.
ثامناً – التشدّد في تطبيق أحكام القوانين اللبنانية لمن ارتكب من الأجانب جريمة جنائية على الأراضي اللبنانية وخصوصاً جرائم القتل قصداً عملاً بالمواد ٥٤٧ الى ٥٥٠ من قانون العقوبات، مع إعادة تفعيل حكم الإعدام.
تاسعاً – مكافحة ظاهرة تسوّل السوريّين الذين يعملون ضمن شبكات منظّمة، وخصوصاً الأطفال منهم، عملاً بالمواد ٦١٠ و٦١٣ و٦١٨ و٦٢١ من قانون العقوبات وذلك لدرء خطر تفشي الجريمة والسرقة والدعارة بغطاء التسوّل.
عاشراً – تنظيم عمل الأجانب وحماية اليد العاملة اللبنانية من خلال قمع المخالفات والمضاربة والمزاحمة على العمالة اللبنانية والمؤسسات التجارية اللبنانيّة، ومنع الأجانب من قيادة سيارات الأجرة ومركبات نقل الركّاب. بالإضافة الى فرض غرامات وعقوبات بالحبس لمن يقوم بتشغيل عامل أجنبي قد خالف نظام الإقامة أو لا يستوفي شروط قانون العمل.
لقد أصبح لزاماً على الدّولة اللبنانية أن تضع مصلحة لبنان واللبنانيين فوق أي اعتبار مهما كان، من خلال اتخاذ خطوات حاسمة وجريئة واستثنائية لإعادة اللاجئين الى سوريا، وخصوصاً من دخل منهم الى لبنان خلسة ويقطن فيه بصورة غير شرعيّة، تفادياً لتأجيج مشاعر الغضب والكراهيّة تجاه اللاجئين ما سيؤدي حتماً إلى انفجار اجتماعي لا يُحمد عقباه.