هل اتهامي لباسيل بالعنصرية منعه من اتخاذ التدابير؟
من يستمع إلى كلام رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، يُدرك أنّه دشّن مرحلة جديدة من المواجهة لن تكون أقلّ قساوة من المعارك التي خاضتها «القوات» سابقاً. لكن هذه المعركة ليست صراعاً على السلطة أو على صدارة الشارع المسيحي، بل هي معركة وجودية بكل ما للكلمة من معنى. بالأمس أطلق جعجع معركة تحرير لبنان من الوجود السوري غير الشرعي وأعلن التعبئة القواتية العامة والجهوزية للوقوف خلف الدولة والبلديات، والتدخّل إذا قصّرت المؤسسات.
يبدو واضحاً قرار قيادة «القوات» العمل على إنهاء الوجود السوري غير الشرعي، ففي «القاموس القواتي» لم يعد هناك أي نازح في لبنان، بل هناك سوري غير شرعي تبلغ نسبته ما بين 40 و50 في المئة من عدد سكّان لبنان، وسوري شرعي يحترم القوانين اللبنانية ويبلغ عدده نحو 300 ألف شخص فقط لا غير. يدخل جعجع المعركة الجديدة ولا يتطلّع إلى الوراء، ويعتبر أن الأمر بات يمسّ بأمن المجتمع ووجوده خصوصاً بعد جريمة خطف وإغتيال منسق «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان والجرائم السورية المتنقلة.
ولا تقف ردّة فعل جعجع على جريمة سليمان فقط التي لم يُلقَ القبض بعد على رأسي العصابة، بل الوضع بات يشبه المرأة التي تقف في الماء ومعها ابنها وعندما تصل المياه لتخنقها ترمي الولد و»تدوس» عليه لكي لا تغمرها المياه. هكذا ستفعل «القوات» إذا لم تتحرّك الدولة. وبقدر ما هي أزمة النزوح معقّدة في قاموس الوزراء والمسؤولين بقدر ما بسّطها جعجع لهم، والحل ينطلق بتطبيق القوانين والتعاميم الصادرة عن وزارة الداخلية ومجلس الوزراء.
أما الجديّة التي تظهر أن جعجع مصمم على المعركة، فهو كلامه عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مستعيناً بعدم توقيع لبنان على اتفاقية اللجوء، حيث هو بلد ممر وبالتالي لا تستطيع المفوضية منح إقامات وشرعنة اللجوء على أرض لبنان، والمفاجأة هي في حديثه عن مقاضاة المفوضية أمام المحاكم وإجراء عدد من المحامين دراسة للتقدّم بدعوى قضائية بحقها. ويظهر من كل ما قاله جعجع أنه ذاهب إلى المواجهة وظهره إلى الحائط واضعاً خريطة طريق تبدأ بحث أجهزة الدولة على تطبيق القوانين، من ثم البلديات، وإستعداد شباب «القوات» في كل المناطق للتطوّع مع البلديات التي تتحجج بعدم وجود شرطة بلدية كافية.
وقائع المؤتمر الصحافي
إعتبر جعجع في مؤتمر صحافي أنّ “النزوح السوري يشكّل خطراً وجودياً على لبنان، الى جانب تفاقم الجرائم وخسارة الأموال وسواها من الظواهر”. وذكّر أن “لبنان هو بلد عبور، وليس بلد لجوء، وأن الاتفاقية التي عقدت بين الدولة اللبنانيّة وبين المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة في العام 2003 نظّمت علاقة لبنان بالمفوضية وعلاقته بالنزوح السوري” و”على استقبالهم لمدة سنة على أن يتم توطينهم في دولة ثانية”.
وإذ ذكّر بأنّ “القوات” هي “أول من تعاطف مع الشعب السوري يوم بدأ ثورته”، أوضح أن “للأوطان ثوابت وقوانين”، و”لدينا في لبنان بين 40 و45% من السوريين يقيمون بشكل غير شرعي”، ورأى أن الازمة السورية “تحتاج إلى 13 سنة إضافية، وبعد هذه السنوات يكون قد بات للنازحين السوريين حق مكتسب في الأرض، ومن المتوقع أن يصبح عددهم 4 ملايين، يعني بقدر عدد اللبنانيين”.
كما ذكّر بالقانون الدولي “الذي لحظ أن لبنان ليس بلد لجوء إنما بلد عبور، وهو لم يشارك باتفاقية اللاجئين انطلاقاً من حجمه وتركيبته”. وأكد أنّ “من لديه إقامة، لديه وضع قانوني، أما من لا يملك الأوراق الرسمية فوجوده غير شرعي”، واعتبر أنّ “أي مواطن لبناني قادر على رفع دعوى بحق المفوضية السامية، لانها تمنح صفة لاجئ لشخص ليس لاجئاً”.
ولفت إلى أن “جميع السوريين المتواجدين في لبنان، باستثناء 300 ألف يمتلكون إقامات، هم غير شرعيين ووجودهم غير شرعي ويجب أن يخضعوا لقانون الخروج من لبنان، وهذا ما يتم في دول العالم كلها”. وقال جعجع: “اتصلت بالرئيس ميقاتي مرات عدة وكذلك بوزير الداخلية، وهما يؤكدان أنهما سيعملان على حل هذا الامر والمسؤولية السياسية تقع عليهما لمتابعة الأجهزة الأمنية لتقوم بواجباتها”. وقال: “بالدرجة الأولى، تقع مسؤولية كبيرة على الأمن العام، فهو المسؤول عن هذا الملف وقرار الترحيل قرار إداري يتخذه هذا الجهاز. كما أن من مسؤولية الجيش والقوى الأمنية تسليم الامن العام أي مخالف، فضلاً عن أن البلديات مسؤولة عن تنفيذ القوانين في إطارها البلدي”، و”وزير الداخلية أصدر سلسلة تعاميم تنظم الوجود السوري، ولكن لم يتابعها كما يجب مع المحافظين”.
ودعا البلديات ورؤساء الاتحادات إلى تطبيق تعاميم وزير الداخلية بسام مولوي بشكل كامل حتى يعود الوضع الى الحالة الطبيعية، إلى جانب تعاون الأجهزة الأمنية والعمل مع بعضها البعض من أجل حل هذه الأزمة الوجودية، وقال: “لن نسكت عن هذا الأمر بعد الآن”، وأبدى استعداد الحزب “لتقديم متطوعين حيث لا تكفي الشرطة البلدية لمساعدتها، لكننا لن نسكت عن أي تقصير من قبل الرئيس ميقاتي أو الوزير مولوي أو رؤساء اتحادات البلديات ولا حتى من رؤساء البلديات”.
ورأى جعجع أن “الحل الاسهل للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، هو ترك ملف النازحين على ما هو عليه، وعلى اللبنانيين إيجاد الحل من دون إنتظار الخارج، باعتبار أن هذه الأرض أرضنا، واذا كانت هناك أسباب إنسانية، فليقسّموا النازحين 60 ألفاً لكل دولة أوروبية ويبقى الأمر أفضل بكثير من مليوني نازح سوري في لبنان”.