100 الف لاجئ سوري من دول الجوار سيجدون طريقهم الى أوروبا وبعض دول العالم سنة 2015، في برنامج إعادة توطين وافقَت عليه دول أوروبية إضافة إلى الولايات المتحدة الاميركية في اجتماع دولي عقد في الامم المتحدة في جنيف امس، يُنهي أزمة بعض الأسر الاكثر حاجة، لكنّه يفتح تساؤلات عن نهاية مجهولة لمصير ملايين اللاجئين في دول الجوار ممَّن سيبقون بلا أفق.
تهدف خطوة الأمم المتحدة إلى رفع شيء من العبء عن دول الجوار السوري، والمساهمة في تقديم العون إلى أسر هي بأمسّ الحاجة للمساعدة أمام واحدة من أسوأ الكوارث الانسانية في العالم، بعدما أصبح عدد اللاجئين السوريين الأعلى عالمياً والأكثر تأثيراً في الدول المجاورة.
وأمام هذا الواقع، تخوَّف وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس من اعتماد معايير خاصة تجاه اختيار مَن سيُعاد تجنيسهم في أوروبا، وقال لـ«الجمهورية» إنّه يخشى «إعادة توطين النخبة والمسيحيين في أوروبا دون سواهم»، لأنّ ذلك من شأنه حماية الأقلية المسيحية فقط ويغفل بقية عينات الشعب السوري، ولأنّ المسيحيين في الشرق الاوسط «هم ملح الارض وجمالها، فإنّ اجتثاثهم من هذه المنطقة سينال من تعدّديّتها»، بشكل قاتل، معتبراً أنّ «النخبة السورية ستحمل على عاتقها إعادة بناء سوريا بعد انتهاء الحرب الدامية، وإعادة توطينهم في الخارج تعني خسارتهم للأبد».
ورداً على درباس، أكد المندوب السامي للاجئين في الامم المتحدة انطونيو غوتيريس أنّ الامم المتحدة «لا تعتمد في اختيارها الّلاجئين إلّا على معايير انسانية، ليس من ضمنها العرق واللون والدين، إنما على الوضع الانساني الذي يتطلب مساعدة عاجلة».
واشتكى درباس من المأساة التي يعيشها اللبنانيون الى جانب ضيوفهم من السوريين والأثقال التي تفرضها الأزمة، وسأل رداً على كلمة لوزير الخارجية السويدي أكد فيها انفطار قلبه لمشاهدة انقاذ طفل سوري: «هل لنا أن نتساءل عن قلب الكرة الارضية وما تشهده من مأساة ملايين الاطفال الذين لم يتمّ إنقاذهم بعد؟».
وتطالب الجمعيات غير الحكومية العاملة مع الامم المتحدة بإعادة توطين عشرة في المئة من عدد اللاجئين السوريين إلى دول الجوار، في دول العالم القادرة على استيعابهم، وقد أوضحت دوريس بيشكي الامين العام لمفوضية الكنائس الخاصة بالمهاجرين في أوروبا لـ«الجمهورية» أنّ دولاً قليلة في الاتحاد الاوروبي منخرطة في العمل الفعلي مع اللاجئين، وبعضها «لديه 30 أو 50 لاجئاً، وهذا الرقم مقارنة مع ثلاثة ملايين لاجئ هو رقم صغير جداً».
ولفتت إلى أنّ الجمعيات غير الحكومية طالبت العالم برفع عدد اللاجئين لديها خلال السنتين المقبلتين الى عشرة في المئة من إجمالي اللاجئين في دول الجوار، «بما يعادل 350 الى 380 الفاً خلال سنتين، ونعتقد أنّ فرنسا وبريطانيا وأسبانيا وغيرها من دول أوروبا، يمكنها استيعاب المزيد، وإذا وطّنت أوروبا 60-70 الف لاجئ خلال هذه السنة، يمكنها استيعابهم بكلّ سهولة».
وتشير أرقام الامم المتحدة الى أنّ عدد اللاجئين في دول الجوار ارتفع الى 3.2 ملايين، وتوقعت المفوضية العليا للاجئين ارتفاع هذا الرقم خلال السنة الجارية مع استمرار الحرب في سوريا وانعدام التوصل الى حلٍّ سياسي يضع حدّاً للفرار اليومي من مناطق النزاع، وانطلاقاً من هذا الواقع حضّت الامم المتحدة على مساهمة أكبر من الدول الاوروبية والعالم، من خلال توطين أعداد محدّدة لديها في العامين المقبلين.
وتبرز أهمية هذا المؤتمر في دوره بتذكير الدول الغربية بالمسؤوليات الملقاة عليها تجاه مأساة ملايين اللاجئين السوريين، وعلى رغم كثافة الدول المشارِكة في هذا المؤتمر إلّا أنّ السويد والمانيا والولايات المتحدة الاميركية تبقى على رأس الدول المتفاعلة مع الأزمة.
فقد استقبلت السويد العدد الاكبر من اللاجئين نسبة لعدد سكانها، أيْ اكثر من 60 الفاً منذ بدء الازمة السورية، فيما قدّمت ألمانيا مساعدات مالية فاقت 800 مليون يورو واستقبلت نحو 800 الف لاجئ ووعدت باستقبال عشرة آلاف آخرين، ضمن برنامج لمّ الشمل الذي يسمح بجمع اللاجئين بأسرهم.
في حين أعادت اميركا العام الماضي توطين 70 الف لاجئ، وتنظر حالياً في أكثر من 9 آلاف طلب توجّهت بها مفوضية اللاجئين. وفي حين شدّد المجتمعون على إيجاد حلٍّ سلمي سياسي ينهي الازمة السورية، تخوّفوا من ازدياد التحديات الانسانية بدءاً من العام المقبل، ما يعني أنّ أجل الحلّ غير معلوم، وأنّ الأزمة مستمرة.