تسوية قطع الإمداد عن “الحزب”
في أي تسوية مرتقبة للحرب المستعرة في لبنان، بديهيٌ أن يتولى الجيش اللبناني مهمة ضبط الحدود الشرقية والشمالية ومنع تهريب السلاح عبرها إلى “حزب الله”، لكن سيتعيّن أيضاً على النظام السوري أن يتعاون مع هذه العملية، لا بل يمكن القول إن الجزء الأكبر من هذه المهمة، يقع على عاتقه.
القصة بدأت في موسكو
الحلّ الجاري إنضاجُه بعيداً من الأضواء يلحظ تجفيف مصادر تسلّح “الحزب”، لمنع تعاظم قوّته العسكرية مجدداً، وتفادي عودتها إلى ما كانت عليه قبل 8 تشرين الأول 2023، وهو شرط أساسي من شروط تل أبيب لوقف النار، لكنه أيضاً مطلب عربي وإن غير معلن حتى الساعة. غير أن دمشق، وفور وضعها في صورة ما عليها القيام به في المرحلة المقبلة، ضحكت في سرّها، واعتبر رئيس النظام بشار الأسد أنها فرصة على طبق من فضة، فسارع إلى وضع معادلة “نعم سأتجاوب لكن مقابل إطلاق يدي في لبنان مجدداً”. مصادر دبلوماسية تكشف لـ “نداء الوطن”، أن هذه “القصة” بدأت مع طرق إسرائيل أبواب الكرملين عبر موفد رئيس وزرائها، وزير الشؤون الاجتماعية رون ديرمر الذي زار موسكو منذ أيام، طالباً من روسيا التعاون مع مطلب تل أبيب لقطع طرق الإمداد عن “حزب الله” التي تنطلق من إيران إلى العراق وصولاً إلى سوريا فلبنان، وذلك نظراً إلى حجم النفوذ الروسي في سوريا.
التعاون أو إطاحة نظامك!
نقلت موسكو الرسالة إلى “الأسد”، الذي طلب في المقابل، منحه دوراً في الداخل اللبناني. سارعت موسكو إلى إخباره بأن الأمر مستحيل محبطة أحلامه في المهد. كيف لا، تضيف المصادر، وقرار منع “الحزب” من التعافي عسكريّاً، مُتفق عليه بين العواصم الكبرى كلها، وعلى رأسها واشنطن وموسكو التي يريد رئيسها فلاديمير بوتين تسهيل هذا الأمر مقابل وعدٍ من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بتسهيل التسوية لإنهاء الحرب مع أوكرانيا ومعهما أيضاً باريس والرياض، وقد تمّ إبلاغ الأسد، وبلجهة صارمة، على هامش مشاركته في أعمال القمة الإسلامية الاستثنائية التي عقدت الإثنين في السعودية، أن عليه التعاون وإبعاد النفوذ الإيراني عن أراضيه والسلاح عن “حزب الله”، مقابل بقاء نظامه و”نقطة عالسطر”.
العقارب لن تعود إلى الوراء
وإلى جانب التصدي الخارجي العابر للقارات وللاصطفافات والحسابات الدولية، لمشاريع الأسد القديمة الجديدة، ثمة أيضاً تنبُّه محلّي. تكشف مصادر المعارضة السيادية لـ “نداء الوطن”، أن أقطاب هذا الفريق في صورة طموحات دمشق، وأنهم جاهزون للتصدي لأي تسويات من هذا القبيل، لا تراعي المصلحة الوطنية والسيادة اللبنانية وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء. وتشدّد المصادر، على أن “اللبنانيين الذين دفعوا أثمان أنصاف الحلول والإتجار برأس لبنان على طاولة اللاعبين الإقليميين والدوليين منذ العام 1969، سيمنعون اليوم، ومهما كان الثمن، أي حلول لا تأخذ بالاعتبار قيام دولة سيدة تبسط سيطرتها على أراضيها، مرة لكل المرات”. تضيف المصادر: “ما لم نقبله من “الحزب”، من هيمنة ومصادرة للقرار اللبناني، لن نقبله بطبيعة الحال، مِن السوري، الذي أخرجناه من أرضنا، بنضالنا والدماء”.