Site icon IMLebanon

“معنى الصديق”

 

كان يلزمنا هذا الدرس لنفهم أبجدية الصداقة و”معنى الصديق”. وكانت أكثر من ضرورية هذه المقارنة بين من يدَّعي الصداقة وبين من يطبقها على الأرض.

 

فالتطبيق يستند إلى المعيار. أما قياسه فهو السماح بعبور المازوت الإيراني من الأراضي السورية إلى الربوع اللبنانية، وليس متفجرات ميشال سماحة، وليس تفجير المسجدين في طربلس، وليست لوائح المفقودين في السجون السورية، وليست جرائم الإغتيال خلال الحرب اللبنانية وبعدها، من سليم اللوزي والمفتي حسن خالد والرئيس رينيه معوض وغيرهم.. وغيرهم.. ومن ثم رفيق الحريري وسمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي ووسام عيد ومحمد شطح وبيار الجميل وأنطوان غانم ووسام الحسن ووليد عيدو وهاشم السلمان ولقمان سليم.. وغيرهم وغيرهم..

 

ولا لزوم للتطرق إلى إعتبار لبنان في زمن النظام الأسدي من الأب إلى الإبن ساحة مستباحة لكل أنواع الإعتداءات على دولة المؤسسات، إنْ سياسياً أو إقتصادياً أو قضائياً، وصولاً إلى تحويله رهينة للمحور الإيراني، الذي لم يتورع عن إبادة الشعب السوري لإخماد ثورته، ولم يتورع عن إستغلال تدخله بحجة حماية النظام الأسدي، ليحكم قبضته على طريق طهران- بيروت من دون عقبات وحواجز.

 

والمعيار، أيضاً وأيضاً هو في الغياب التام للتحقيق في عملية قبع كل من يجب قبعه بغية تعبيد الطريق أمام الصداقة الخالصة الصافية من بيروت إلى طهران، والتي تخدم المصلحة العليا والسيادة والكرامة.. وتتطلب الصبر لتؤتيَ ثمارها.

 

وهذه المصلحة واضحة لا لبس فيها، باستثناء أنها لا تعني لبنان، وإنما إيران ومشروعها وأجندتها.

 

من هنا، لا بد للمعيار أن يصبح مرناً ومتحركاً وبعيداً عن الجمود والتنميط. تلك هي النظرة الرؤيوية المطلوبة، والقادرة على فذلكةٍ تُبَرِّر ما أفرز واقع تسليم لبنان إلى من يجيد التفاوض ويعطي في مكان ليأخذ في مكان آخر..

 

ومن هنا تحديداً، يخضع تحديد “معنى الصديق” إلى مقارنةٍ بين علاقة لبنان بالمملكة العربية السعودية وبين علاقته بالنظام الأسدي والجمهورية الإسلامية، وإستلحاقاً إلى عملية وقحة لتزوير التاريخ القريب والتلاعب بمعطياته وفصوله، لتصير الكذبة هي المتداولة على حساب الحقيقة…

 

ولا يُفسِد المعنى تلقّي وزير الخارجية الإماراتية الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان اتصالاً هاتفياً من نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، مع إشادة بزيارة آل نهيان لدمشق، ومع دعوة إلى “تسوية بعض المشاكل التنفيذية والتي من شأنها أن تصب في تيسير وتنمية التعاون التجاري وحل المشاكل المالية بين البلدين”.

 

ولا وجود للمقارنة بين تلبية عبد اللهيان دعوة نظيره لزيارة الإمارات، وبين ابتكار وسائل القطيعة اللبنانية مع دول الخليج العربي. ذلك أن “معنى الصديق” لا يتطلب من إيران توتير علاقاتها مع الإمارات أو غيرها من دول الخليج المتهمة بـ”إستهدافها المقاومة خدمة لإسرائيل”، من خلال الترويج لفكرة هيمنة “حزب الله” ومصادرته السيادة اللبنانية “السخيفة” و”الأسخف منها فكرة الاحتلال الإيراني”.

 

أما السكوت عن شن الطائرات الحربية الإسرائيلية سبع هجمات على مواقع في سوريا للحزب وإيران حتى الآن، عقب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينيت في 22 تشرين الاول الماضي، فهو لا يتناقض و”معنى الصديق”، الذي يصبح عويصاً إذا عجزنا عن فهم المعيار المرن والمتحرك والذي يستطيع الإلتفاف على معادلات من وزن “عدو عدوي وصديق عدوي وصديق صديقي” لتصبح “صديقي وإن كان صديق عدوي”.

 

المهم المصلحة العليا للمحور.. وفهمكم كفاية.