جاءت الخسائر التي مني بها النظام السوري في الايام الاخيرة في معارك متفرقة لتثبت لمصادر ديبلوماسية حجم المخاوف التي تنتاب روسيا على النظام الذي تستمر في دعمه فيما هو يتراجع عسكريا الى الحد الذي تخشى معه موسكو على حد قول هذه المصادر ان تتحول سوريا الى صومال اخر ما يؤدي الى تفككها. تتحرك روسيا على وقع عدم اعتراض اميركي كما تقول هذه المصادر في ظل استمرار غياب اي فكرة واضحة لدى الاميركيين عن كيفية اعداد حل سياسي يمكن الوصول اليه في حين ان الاقتراح الذي تقدم به الموفد الدولي الى سوريا ستيفان دوميستورا يصطدم بعدم حماسة اقليمية في شكل عام. اذ ان ايران في الدرجة الاولى لم تبد اي حماسة للافكار التي عرضها دوميستورا لدى مجلس الامن الدولي والتي تتركز على تجميد القتال بدءا من حلب اولا، ثم ان المملكة العربية السعودية لم تستقبل الموفد الدولي في حين ان تركيا استقبلته على مستوى موظف ديبلوماسي ولم تفرد له لقاءات ديبلوماسية رفيعة في وزارة الخارجية كما لم يستقبله رجب طيب اردوغان. تفهم هذه المصادر ان الافكار التي يقترحها دوميستورا متعثرة وليست واضحة بحيث تستبعد ان تلقى الزخم المطلوب لانجاحها في حين ان المساعي الروسية الاخيرة تتقدم على هذه الافكار.
تقول هذه المصادر ان بوغدانوف نقل بداية دعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى الرئيس السوري بشار الاسد لزيارة روسيا على الارجح قبل نهاية السنة الجارية لكن من دون ان تتوقع ان يلبي الاسد هذه الدعوة لاعتبارات عدة تتصل بخشيته على الارجح من مغادرة سوريا في هذا الوقت. وعلى صعيد اخر سعى بوتين على ذمة هذه المصادر الى محاولة تأمين حظوظ نجاح للمبادرة او المساعي التي نشط في شأنها بوغدانوف في الاسابيع الماضية عبر الزيارة التي قام بها لتركيا مطلع الشهر الجاري والتي انجز خلالها توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين من اجل بناء خط انابيب غاز بحري يصل الى تركيا. ويعود ذلك الى اعتبار بوتين ان تركيا تملك اوراقا فاعلة في الموضوع السوري بحيث يتطلب ذلك مساعدتها اكثر مما تفعل دول الخليج العربي. ومع التأكيدات التي اعلنها بوتين لجهة تمسك روسيا بالاسد في السلطة، وفق ما اعلن من تركيا بالذات على اساس ان الاسد حسب قوله لا يزال يتمتع بتأييد شعبي كبير نتيجة الانتخابات الرئاسية الاخيرة، فإن الافكار التي لا يزال يدور البحث فيها تتصل ببقاء الاسد مع تقدم طفيف في هذه الافكار حديثا لجهة التفكير في اعطاء وزارة الداخلية في الحكومة العتيدة التي يتم العمل على تأليفها وتضم موالاة ومعارضة الى شخصية اقرب الى معارضة الخارج او منها في حين ان البحث كان لا يزال يدور حول افكار تتصل ببقاء الاسد وتأليف حكومة تتركز فيها الحقائب الاربع الاساسية اي الدفاع والداخلية والخارجية والمال في يد النظام.
الا ان هذه المصادر لا تزال ترى ان الافكار التي كانت طرحتها ايران قبيل استقالة الموفد الدولي الى سوريا الاخضر الابرهيمي قبل اشهر عدة قد لا تزال تلقى صدى ايجابيا اكثر لدى دوائر خارجية عدة من الافكار الروسية ولو تركت روسيا تتحرك في الملف السوري وحدها في الاسابيع الاخيرة. ذلك ان افكار الديبلوماسية الايرانية تعد متقدمة نسبة الى الافكار الروسية باعتبار انها طرحت مراجعة دستورية في سوريا تهدف الى تقليص سلطات الرئاسة تدريجا مما يؤدي الى تضاؤل موقع الاسد. والزيارة الاخيرة لوزير الخارجية وليد المعلم لطهران يقول المتابعون انها ارتبطت في شكل اساسي بالافكار الروسية لاقامة حوار بين النظام والمعارضة لجهة الحرص على التشاور وتذليل اي اعتراض ايراني اذا وجد في ظل اعتقاد يجمع عليه كثر وهو ان الوضع في سوريا يبقى ورقة مهمة في يد ايران التي تنتظر بت الملف النووي الايراني قبل وضعها على طاولة البحث فيها مع الولايات المتحدة الاميركية.