التقديرات الاولية لحجم اللجوء السوري الجديد الذي ينتظره المسؤولون تدور حول نصف مليون لاجئ سيتدفقون على لبنان عموما وبيروت خصوصاً. واللاجئون الجدد هم للمرة الاولى منذ بداية الازمة السورية سيأتون من دمشق التي بدأت تتحضّر لـ”عاصفة الجنوب” التي انطلقت من درعا. وعندما يجري الحديث عن لاجئين من دمشق فمعنى ذلك أن مئات الالوف من العلويين والمسيحيين الذي يشكلون البيئة الحاضنة للنظام سيكوّنون الموجة الجديدة للجوء وهم آخر المجموعات في سوريا التي بقيت في الاعوام الاربعة الاخيرة من الحرب السورية في العاصمة.
لا تعني هذه التطورات المرتقبة أن دمشق ستسقط بيد المعارضة التي ستتدفق من الجنوب السوري. بل تعني، وفق ما شرحه السفير الاميركي السابق روبرت فورد قبل أيام، أن العاصمة السورية ستتحول “ساحات للمعركة ما يعني توافد المزيد من اللاجئين السوريين الى الحدود”، مشيراً الى ما سماه “السيناريو الاكثر إحتمالا” وفيه نشوء “منطقة يسيطر عليها العلويون وميليشيا “حزب الله” المدعومون من إيران وروسيا على طول الحدود مع لبنان على ساحل البحر الابيض المتوسط”.
لكن، لماذا يستمر تدفق اللاجئين على لبنان وخصوصاً لاجئي النظام بدلا من الانتقال الى المنطقة التي يتحدث عنها السفير الاميركي؟ اللبنانيون المحسوبون على بيئة “حزب الله” من الذين يتمكنون من الوصول الى هذه المنطقة يروون أن الخراب هو السائد في كل الاماكن التي فرض النظام وحلفاؤه على سكانها هجرها لا سيما محافظة حمص الشاسعة. وبالتالي سيصعب على سكان دمشق ان ينتقلوا الى العيش في “دويلة” لا تمتلك أيا من مكونات الحضارة التي عرفوها في عاصمة بلادهم. في المقابل، يبدو أن النظام الايراني مضطر الى التعامل مع واقع نفور سوريي النظام من العيش في “المحمية” الجديدة. ولذا تقول المعلومات المتداولة في أوساط شيعية أن طهران مهدت الطريق الى تغيير ديموغرافي واسع النطاق تمثل بمخطط نفذه النظام السوري وأدى الى إتلاف قيود مئات الالوف من المواطنين في حمص مقابل بدء عملية تجنيس ضخمة لألوف الافغان الشيعة الذين يعيشون في مخيمات في إيران منذ عقود بسبب حرب أفغانستان التي نشبت في ثمانينات القرن الماضي. وهؤلاء الافغان الذين أبصروا النور في مخيمات إيران تحولوا الى جنود بتصرف النظام الايراني الذي بعث بهم الى سوريا لكي يقاتلوا دفاعا عن نظام الاسد ولكي يحظوا بفرصة الحصول على جنسية سورية.
بين البرقيات المصنّفة في إطار ما سمّي “ويكيليكس” الخارجية السعودية واحدة تتحدث عن وصول قائد الحرس الثوري قاسم سليماني الى لبنان في آذار 2013 وهي زيارة “سبقها إجتماع في دمشق لتنسيق المهمات”، منها “إخلاء مدينتيّ حمص والرستن من أبنائها السنّة لضمهما الى الدولة العلوية”. البرقية صدقت، لكن الدويلة صالحة لعيش سوريي أفغانستان فقط!