IMLebanon

توطين سوريين في بلد ثالث حل سخيف

بعيدا من الحس الانساني، الذي يدفعنا في احيان كثيرة الى قبول الواقع، وعدم الطلب الى السوريين العودة الى بلدهم وتحويلهم مشاريع ضحايا وقتلى وشهداء، اذ لا تهم التسمية احيانا امام واقع مأسوي نتيجته واحدة، وهي فقدان الحياة، فان الواقع يجعلنا نتخبط في صراع مرير، يجعل من الضروري التفكير بواقعية، والنظر الى الوقائع بمنطق الربح والخسارة، وبعالم الارقام، والاهم في المصلحة الوطنية العليا التي يجب ان تتقدم على كل حساب اخر.

في لبنان حاليا، مليون و200 الف سوري لاجئ مسجل لدى مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، ونحو 300 الف، على اقل تقدير، غير مسجلين من ابناء الطبقات المتوسطة والثرية، يضاف اليهم نحو 500 الف فلسطيني لاجئ، ما يجعل عدد اللاجئين نحو مليونين، في مقابل 4 ملايين لبناني مقيم. وبين السوريين نحو 150 الفا الى 200 الف شاب تدرب في الخدمة العسكرية، ما يعني انهم مؤهلون للقتال اذا ما ارادت احدى الدول العاملة على اشعال الفتن استغلالهم وتحريكهم، يضاف اليهم رقم هائل في الولادات بلغ 40 الفا في السنة في مقابل 80 الف مولود لبناني جديد مسجل، عدد كبير منهم يولد ويكبر في الخارج.

في مؤتمر جنيف حول سوريا اخيرا، كان بحث في ما سمّي اعادة توطين سوريين في بلد ثالث، مما يعني حكما ان لا امل قريبا في اعادتهم الى بلادهم في وقت قريب ومنظور، وهو امر يخدم النظام السوري، بقصد او بغير قصد، الذي يرفض اعادة كثيرين الى قراهم وبلداتهم، لانه يصنفهم في خانة المعارضين له، ويفضل ان تتولى دول اخرى ترحيلهم اليها، وحجب جواز السفر السوري والجنسية عنهم لاحقا. لكن الصدمة ان الدول المشاركة في مؤتمر جنيف، قررت رفع عدد اللاجئين المنوي تسفيرهم الى دول اوروبية، من 100 الف الى 130 الفا، يعني اقل من عشر عدد السوريين في لبنان، من دون احتساب اعداد اللاجئين في الاردن وتركيا. واذا ارادت الدول المانحة توزيع العدد على الدول الثلاث فان نصيب لبنان لن يبلغ 50 الفا في الحد الاقصى، ما يعني حكما ان الحل المقترح لن يحرك مياها راكدة.

والاخطر في الحل المطروح، هو ما لفت اليه وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس في المؤتمر، اذ حذر من ان تعمل دول اوروبية على ترحيل المسيحيين اولا، ثم النخبة المثقفة التي تهرب ابان الحروب، وبذلك تساهم هذه الدول في القضاء على التعدد والتنوع السوريين، وتفرغ المجتمع من كفاءاته العلمية.

ان اعادة سوريين الى مناطق آمنة وتوفير سبل العيش لهم اقل تكلفة من ترحيلهم الى دول اخرى، وتساهم في اعادة النسيج الاجتماعي لسوريا، الا اذا تحول هدف المجتمع الدولي من ضرب النظام الى ضرب اسس الدولة السورية.