كل الأنظار متجهة إلى الموقف الفعلي الروسي في مرحلة التحضيرات للتفاوض السوري – السوري حول الحل السياسي منتصف هذا الشهر في آستانة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع.
والسؤال المطروح «هل سيضغط الروس بما فيه الكفاية على النظام الذي ساعدوه لتعزيز وضعه في سوريا لا سيما من خلال نتائج معركة حلب وإسقاطها بالقوة والتدمير الكلّي لها؟». من الواضح أن النظام يريد إقامة توازن بين النفوذ الإيراني والنفوذ الروسي، حيث لا يسيطر أحدهما على قراره تماماً. والآن هناك ترقّب لما إذا كانت إيران ومعها «حزب الله» سينسحبان فعلاً من سوريا، مع الإشارة إلى أن تركيا طالبت بانسحاب كل القوات الأجنبية والميليشيات من سوريا بما فيها «حزب الله» واشترطت ذلك من أجل قبولها بالاتفاق مع روسيا. لذلك هناك ترقّب لمدى جديّة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي حالياً لا ينوي استكمال الحرب، لكنه يريد اتفاقاً يناسبه، في الحل السياسي.
إنما الخروق التي تحصل للهدنة، يقوم بها «حزب الله»، بحسب المصادر، والذي يتواجد في كل المناطق التي تربط دمشق بالحدود مع لبنان. الآن مصير كل التفاهمات حول الاتفاق الروسي – التركي والذي صدر بقرار عن مجلس الأمن الدولي، يتوقف على نتائج مفاوضات آستانة. المعارضة السورية موزّعة على الهيئة العليا للتفاوض التي ليست ضد آستانة مئة في المئة.
أما الائتلاف السوري المعارض، فلم يوضّح موقفه بعد، في حين أن الفصائل العسكرية سيحضر قسم منها، ومعارضة الداخل القريبة من النظام مدعوّة، وكذلك معارضة القاهرة وموسكو أيضاً القريبة من النظام.
والنظام في آستانة، يقول إنه يستوحي من القرار 2254، في حين أن المعارضة تقول بالقرار 2254 مضافاً إلى وثيقة جنيف، والورقة التي أصدرتها حول الحل في سوريا. النظام وإيران كانا يفضلان أن ينسحب الحسم من حلب إلى محيط دمشق والانتهاء من هذه المنطقة، قبيل التفاوض.
روسيا، بحسب المصادر، الوحيدة التي يمكن أن تضغط على النظام، وكل التطورات المقبلة تتوقف على هدف روسيا وما الذي ستقوم به. لكن يستشفّ من ما حصل في حلب أن روسيا تريد فرض أسلوبها في الحل السياسي وتصوّرها له إذ إنها لا تنوي إحداث تغيير كبير في هذا البلد وذلك عن طريق الإبقاء على النظام في السلطة مع تطعيمها بقسم من المعارضة التي ترضى عنها. لكن ذلك لن يحظى بقبول من المعارضة الحقيقية.
«حزب الله» لن يترك سوريا بهذه السهولة. لكن وجود الميليشيات في سوريا والبحث بمصيرها كلها يشكّل جزءاً من الحل فيها. وجود تلك الميليشيات بكل أشكالها، يريح إيران ويضمن نفوذها على الأرض.
على الأرض، هناك التنسيق الروسي – التركي. لكن في السياسة هناك الدول الكبرى لا سيما الدول في مجلس الأمن التي استصدرت القرار الجديد حول سوريا، والذي حظي بموافقتها بعد تعديلات أدخلتها إلى نصه. كذلك على الأرض ونتيجة الاتفاق مع الروس، تتعرّض تركيا لموجة إرهاب، وهناك جهود لمعالجتها. آستانة تشكل خطوة نحو المسار الأممي لحل الأزمة السورية، لكن القيادة للروس والأتراك.
هناك تغيير في الموقف الروسي، الذي يدعو الجيش الإسلامي إلى التفاوض. الأنظار متجهة إلى الجهات التي ستجلس إلى طاولة التفاوض والقواعد التي سيتم الانطلاق منها في العملية السياسية. لكن لوحظ أن النظام، ورئيسه، لا يزال جزءاً من المعادلة، إنما من غير الواضح إلى أي مدى سيبقى كذلك.
وتفيد المصادر أن حلب شكّلت نقطة تحوّل في الأزمة السورية، وهي كانت معقل المعارضة المحسوبة على تركيا. وبمجرد أن تتساهل تركيا يصبح الخطر مشتركاً عليها وعلى روسيا، لأن ارتفاع مستوى العمليات في تركيا تزامن مع التغيير في السياسة التركية.
وإنضاج التسوية بات مرتبطاً بتوقيتها، ومن يحكم الكلمة الفصل فيها، وبالمتغيرات الإقليمية والدولية. توجد إدارة جديدة في الولايات المتحدة الأميركية وانتخابات رئاسية فرنسية قريباً، وموقف بريطاني، ووقف العنف يهم كل الأطراف لحماية المدنيين وتأمين فسحات لهم لتوفير احتياجاتهم. إنما هي ليست المرة الأولى التي يحصل فيها تفاهم دولي حول سوريا، وهدنة..
وبالتالي، لا يتوقف المستقبل على موقف روسيا وحدها، إنما أيضاً على الإدارة الأميركية وما الذي تريده في سوريا، وما إذا كانت لا تريد التدخّل مثلاً وترك الأمور تسير. والسؤال هل يعني كل ذلك أن إيران مرتاحة للاتفاق. كل ذلك رهن الأشهر القليلة المقبلة.
وصحيح أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قال بضرورة خروج كل القوات الأجنبية من سوريا بما فيها «حزب الله»، إلا أنه لم يصف الحزب بأنه إرهابي. لكن الأمين العام لـ«الحزب» قال إن المكوّن العسكري للحزب سيبقى في سوريا.