IMLebanon

«حلّ سوري» على الطاولة.. بانتظار العرب والأميركيين

لم يكن التحوّل في الموقف التركي إزاء بقاء بشار الأسد في المرحلة الانتقالية مجرّد «استدارة» كما وصفه البعض، بقدر ما عكس بداية تحوّل في المشهدين الإقليمي والدولي إزاء ملف الأزمة السورية مع اقتراب موعد حسم ملف «داعش» عسكرياً في سوريا والعراق إثر بروز «قرار» دولي جدّي بتحقيق تحوّل حاسم في هذا الشأن.

ذلك أن طيّ ملف «داعش» عسكرياً يفترض البحث مسبقاً في مرحلة «ما بعد بعد داعش» ومقتضياتها، باعتبار أن ثمة ملفّين سوف يواجهان الطبّاخين الإقليميين والدوليين في المرحلة الجديدة وهما: مصير بشار الأسد والأكراد.

وهذا يعني أنه لا يمكن إنهاء الحضور العسكري لـ»داعش» في المنطقة من دون إيجاد تسويات إقليمية ودولية حول ملفّي الأسد والأكراد، أي البحث عن التقاطعات الممكنة بين المتناقضات في الإقليم والعالم التي تتيح إبرام صفقات متوازنة تعيد الاستقرار الأمني الى المنطقة بانتظار الاستقرار السياسي والاقتصادي.

من هنا برزت تقاطعات الى العلن في الأيام القليلة الماضية أعقبت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى سان بطرسبورغ، وهي تتعلّق تحديداً بالملفّين المشار إليهما، حيث وافقت أنقرة على صيغة «الحلّ السياسي» الروسي لسوريا، فيما عاد الحديث عن توافق تركي روسي إيراني حول ملف الأكراد في الإقليم والذي جرت ترجمته على الفور في منطقة الحسكة السورية مع الاشتباك بين جيش النظام ووحدات الحماية الكردية هناك.

وإذا كان محتوى التوافق التركي الإيراني الروسي حول ملف الأكراد معروفاً أساساً ويرمي الى منعهم من إقامة كيان مستقل على غرار كردستان العراق، فإن التوافق على الملف السوري يقوم على الآتي:

1 القبول التركي ببقاء الأسد في المرحلة الانتقالية بصلاحيات محدودة.

2 يعاونه خمسة نواب للرئيس خلال المرحلة الانتقالية، اثنان يسمّيهما النظام وإثنان للمعارضة وخامس مستقلّ.

3 إجراء انتخابات رئاسية في سوريا بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التي تدوم ما بين ستة وثمانية شهور، يشارك فيها لاجئو دول الجوار وتنتهي حكماً الى انتخاب رئيس غير الأسد ولو شارك هو شخصياً في هذه الانتخابات، باعتبار أن مزاج غالبية الشعب السوري مناهض لبقاء الأسد.

4 الحفاظ على مؤسسات النظام تفادياً لتكرار التجربتين العراقية أو الليبية.

هذا «الحلّ السوري» المطروح جدياً على الطاولة الآن ينتظر موافقتين بحسب ديبلوماسييين متابعين لهذا الملف: من العرب والأميركيين. ذلك أن العرب لم يحدّدوا بعد موقفاً واضحاً إزاء صيغة الحلّ هذه، فيما رفضها وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال لقاءاته الأخيرة مع نظيره الروسي سيرغي لافروف.

لذلك يراهن الكرملين على احتمال من إثنين: قبول الإدارة الأميركية الحالية بهذا الحلّ الذي يمكّنها من تحقيق إنجاز قبل اكتمال ولايتها، وإلا انتظار الإدارة الأميركية العتيدة التي قد تحتاج الى مزيد من الوقت لمراجعة هذا الملفّ واتخاذ قرار بشأنه.

في كل الأحوال، فإن التطوّر التركي لا يمثّل معطىً ثنائياً مع روسيا أو مع إيران التي يزورها أردوغان هذا الأسبوع وحسب، وإنما مؤشر الى تقدم سياسي في الملف السوري يتزامن مع التقدّم العسكري في ملف «داعش» ليعكس أكثر وأكثر تقدّم السياسة الروسية في المنطقة التي بلغت حدّ «استعداد« الرئيس فلاديمير بوتين لاستقبال الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في موسكو لإجراء «محادثات مباشرة»، وهذا تطوّر يعني إمكانية دخول الكرملين على خط ملف الصراع العربي الإسرائيلي، أو على الأقل الفلسطيني الاسرائيلي، مستفيداً مرة جديدة من الانكفاء الأميركي عن المنطقة والذي زاد مع دخول الأميركيين مرحلة انتخاباتهم الرئاسية أكثر وأكثر.