Site icon IMLebanon

مصادر سوريّة: هناك فرصة لحلول سياسية

الحراك السياسي والديبلوماسي بعد الاتفاق النووي انطلقَ بزخمٍ واضح. التداعيات المتوقّعة لهذا الاتفاق على ملفّات الإقليم تشكل محور اللقاء والاجتماعات التي تشهدها عواصم المنطقة، ومنها طهران، الدوحة، أنقرة، والقاهرة.

الديبلوماسية الأميركية تعمل على خط طَمأنةِ الحلفاء، وإبلاغهم برؤية واشنطن لسُبل حلّ الأزمات في المنطقة. أمّا الروس فيعملون على مبادرةٍ عنوانُها «تحالف عربي-تركي» لمكافحة الإرهاب، ومضمونُها تقريب وجهات النظر بين دمشق والرياض، وكذلك الأمر بالنسبة لقطر وتركيا. وفي هذا الإطار تأتي الزيارة التي قيل إنّ مدير الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك قام بها إلى الرياض، والتقى فيها وليّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان.

مصادر سوريّة تؤكّد أنّ مجرّد حصول الزيارة هو خَرق جدّي لجدار العداوة بين سوريا والسعودية. وتشير إلى مسعى روسي برِضى أميركي لترتيب لقاء في موسكو بين وزير الخارجية السوري وليد المعلّم، ووزير الخارجية السعودي عادل الجبَير. وذلك تحضيراً لمؤتمر جديد ستقوم روسيا باستضافته في موسكو بين الدولة والمعارضة السورية أواخرَ العام الحالي.

وعن مهمّة المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا وجولاته وزياراته، تقول المصادر إنّه يقوم بمشاورات ويقول لكلّ مَن يلتقيهم إنّه «لا يحمل مبادرةً محدّدة»، بل يَستطلع نضوجَ الظروف الدولية والإقليمية بعد الاتفاق النووي، وتتوقّع المصادر أن يستأنف جولة جديدة أواخر الشهر الحالي من أجل الوقوف على «نتائج الاتصالات والاجتماعات التي عقِدت مؤخّرا، بين معظم اللاعبين الأقليميين أصحاب الصلة بالملفّ السوري وغيره».

وفي السياق تلفت المصادر إلى أنّ التحرّك التركي في الشمال يعقّد الموقفَ أكثر، والعمل على منطقة «حظر طيران» لا يمر في مجلس الأمن عبر الفيتو الروسي والصيني، ولا تظنّ المصادر عينها قيام واشنطن وحدها بتغطية تركيا وفرض هذا الإجراء في الشمال السوري.

الحلفاء الأوروبّيون لواشنطن مزعوجون من الرئيس التركي رجَب طيّب أردوغان وسياساته المحلية والإقليمية، وخصوصاً في ملف مكافحة «إرهاب داعش» والحرب على الأكراد. وقد توَجَّهوا برسائل واضحة في هذا الشأن إلى الولايات المتحدة وتركيا بالرغم من العراضة الأطلسية التي شاهدناها في أنقرة الأسبوع الماضي.

تقول المصادر السورية عينُها، إنّ الصراع على زعامة «العالم السنّي» بين الرياض وأنقرة يَجري منذ سنوات بشكل مكتوم. ولكنّه بَدأ يطفو على السطح مؤخّراً، ولذلك فإنّ الرياض من مصلحتها إعادة إنتاج «الثلاثي الذهبي» العربي المكوّن من مصر وسوريا والسعودية، هذا الثلاثي من شأنه إعادة الوزن للعرب في الإقليم أمام قوّتين كبيرتين هما إيران وتركيا.

وهنا تقول المصادر السورية إنّ قيام هذه التفاهمات العربية لن يكون على حساب التحالفات الإقليمية للرياض ودمشق. بل إنّ تعاوناً إيجابياً عربياً-إيرانياً وعربياً-تركيّاً يمكن أن يؤسس لنظام إقليمي يَملأ الفراغ ويمنع التمدّد الإسرائيلي وتحقيق المشروع التاريخي لإسرائيل ألا وهو التقسيم والتفتيت على أسُس عِرقية وإثنية ومذهبية وطائفية.

إيران أصبحَت بحُكم موقعها الجديد وعلاقاتها، نقطة الارتكاز لأيّ نظام إقليمي جديد. وهي اليوم تصوغ خطوات إنفتاحية على مصر ودوَل الخليج وتركيا وباكستان. جزء من هذه العلاقات يَحكمه الاقتصاد، والجزء الآخر متّصل بالنفوذ والموقع الاستراتيجي.

لا بدّ، بحسب المصادر السورية، للعرب من الاستفادة من قوّة إيران وحضورها، وبهذا يَعود العرب إلى المنطق السوري بالتعاون الإيجابي مع طهران. هنالك مؤشّرات ستؤدّي، على المدى المتوسط، إلى خَرقٍ في العلاقات السعودية-الإيرانية. لن تكون الرياض قادرةً وحدَها على مواجهة طهران في المنطقة.

إذا كانت الولايات المتحدة قد اختارت التفاهم والحوار بدل التصادم، لماذا لا يكون الأمر نفسُه بين إيران والرياض؟ الموضوع لم يعُد مستحيلاً، والأشهر المقبلة ستَجعل المنطقة أمام فرصةٍ لإيجاد حلول سياسية للأزمات وإرساء منطق التعاون، ولكنّ هذه الفرصة لن تتكرّر إذا ضاعت الآن.