Site icon IMLebanon

«الولايات السورية غير المتحدة» وهمٌ أم حقيقة؟

ليس سهلاً وقف الجدل القائم حول احتمال تقسيم سوريا الى مجموعة دويلات لها كياناتها شبه المستقلّة. فما يجري على أراضيها يرسم حدوداً وخطوطَ تماس تكاد تكون نهائية ما خلا نتوءات ما زالت خاضعة للتغيير. ما هي الأسباب التي تدفع لهذه السيناريوهات، وهل هي جدّية أم لا؟

تعترف مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع أنّ هناك الكثير مما يدفع الى البحث في سيناريوهات عدة تتحدث عن تفتيت الأراضي السورية الموحَدة على خلفية اتفاقية «سايكس بيكو». فهناك مؤشرات كثيرة تتحدث عن خطوط تماس شبه ثابتة حول المدن وفي المحافظات السورية التي ترسم معالمها بخطوط حمر تُزنّر العاصمة والساحل السوري والشريط الممتد ما بينهما.

وقالت المصادر الديبلوماسية إنّ كلّ التقارير التي تمّ تبادلها بين العواصم المعنية بالأزمة السورية قد عبّرت عن مخاوفها من قيام مجموعة من «الدويلات السورية غير المتحدة» تُغيّر خريطة سوريا الموحدة.

وفي التقارير المتداوَلة مخاوف جدّية من إجراءات قام بها النظام من جهة وأخرى قامت بها «داعش» التي بدأت بتشكيل هيئاتها الإدارية والإجتماعية التي يمكن من خلالها الحلول محلّ المؤسسات الرسمية السورية ولا سيما في بعض القطاعات الإدارية والإقتصادية والمالية وصولاً الى سجلات النفوس، وإجراءات أخرى تتصل بالموارد المالية والضرائب والرسوم في مختلف مناحي الحياة.

والى هذه المظاهر التي تُعزّز الإنقسامات في صفوف السوريين تتحدث التقارير عن إجراءاتٍ عسكرية في المنطقة الممتدة من دمشق الى الساحل السوري عبر الشريط المحيط بحمص والقُصير والرستن وتلكلخ، وهي التجمعات السكانية الأساسية التي نُقلت إليها الأسلحة الثقيلة والمخازن الكبيرة التي تسلمتها القيادة السورية من إيران وموسكو.

وفي المعلومات المتداوَلة على المستوى الإقتصادي أنّ سوريا الجديدة لن تتأثر بالثروة النفطية التي صادرتها «داعش» وغيرها من المنظمات السورية المعارِضة وهي تمتلك مخزوناً نفطياً وغازاً في ثلاثة آبار في البحر المتوسط.

وقد دلّت المسوحات الأوّلية التي أجرتها الحكومة السورية بعدما تعاقدت مع «شركة CGG فيريتاس» لإجراء مسح ثنائي الأبعاد إلى «أدلة قوية على وجود كميات من النفط والغاز تقارب المخزون اللبناني الذي قدر إحتياطه بـ30 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و660 مليون برميل من النفط قبل أربع سنوات».

وزاد من هذه العوامل التي دفعت الى البحث في مقوّمات الدولة الجديدة، الحديث عن إيرادات تستند الى أنّ هذه الدولة ستحصل على رسوم العبور التي يمكن فرضها على النفط الذي يأتي من خلال خطوط الأنابيب من سوريا الكبرى إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط.

وفي التقارير التي تُناقَش حديثٌ عن سقوط الكثير من طموحات سوريا القديمة الغارقة في الحرب بعدما سقطت المشاريع الطموحة الأخرى التي تنطوي على النفط والغاز. ومنها على سبيل المثال لا الحصر الحديث منذ العام 2009 عما وصفه الرئيس بشار الاسد في حينه بـ «إستراتيجية البحار الأربعة»، التي ستجعل سوريا مركزاً لنقل النفط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود وبحر قزوين والخليج العربي.

كما سقط مشروع آخر كان سينفذ نتيجة توقيع مذكرة تفاهم مع العراق لبناء محطة للغاز وخطَي أنابيب النفط من العراق إلى ميناء بانياس السوري. بالإضافة الى اتفاقية صيف 2011 عندما أعلنت إيران عن صفقة بقيمة 10 مليارات دولار لمدّ خط الأنابيب بين سوريا والعراق وإيران تنقل الغاز أكثر من 3000 ميل من حقل إيران الضخم جنوب بارس وهو المشروع المشترَك مع قطر عبر العراق الى سوريا.

كما خطّطت سوريا أيضاً لمدّ جزء من خط الغاز العربي من حلب إلى جنوب تركيا، لكنّ الحرب عرقلت هذا المخطَط مثل المشاريع الأخرى التي وُضعت جانباً في الوقت الراهن. وبناءً على ما تقدّم فقد عزّزت هذه الدراسات في شكلها ومضمونها المخاوف من احتمال تقدم مشاريع التفتيت على مشاريع استعادة الوحدة السورية وهو أمر لا يمكن إثباته قبل سنوات.