IMLebanon

من مسار الحل السوري إلى التبريد الإقليمي عوامل تُعيد ترشيح عون إلى الدائرة المفرغة

هل انتهت سكرة تأييد ترشيح الدكتور سمير جعجع خصمه المسيحي التاريخي لرئاسة الجمهورية العماد ميشال عون وأتت الفكرة بعد ذلك؟

قد يبدو ذلك مبكرا على مفاعيل خطوة لا تزال تحظى بالكثير من الارتدادات الداخلية حتى الان ويفترض الا تكون استكملت دراستها بكل ابعادها. لكن السؤال يطرح من زاوية انها اثارت نقزة كبيرة لدى الجميع كل وفق حساباته كما يطرح من باب التريث الذي احتمى خلفه معظم الافرقاء السياسيين مكتفين بتأييد المصالحة المسيحية لأثرها البالغ عند المسيحيين يترجمه في الواقع بقاء كل الافرقاء عند مواقعهم وعدم حماستهم لدعوات “التيار الوطني” و”القوات اللبنانية” للانضمام الى دعم ترشيح عون. عاد الافرقاء الى المربع الاول الذي كانت فيه غالبيتهم من ان لا متغيرات اقليمية يمكن ان تساهم في تأمين حصول انتخابات رئاسية في المدى النظور على الاقل. ثمة وزراء حاليون قالوا ذلك سابقا من دارة العماد عون في الرابية كما من دارة جعجع في معراب كوزير الداخلية نهاد المشنوق ، وثمة وزراء ومسؤولون سابقون ايضا كانوا من ضمن المعطيات نفسها يتقدمهم الوزير السابق غازي العريضي الذي كرر في الاونة الاخيرة اقتناعه بان الوضع الاقليمي لا يسمح بعد باجراء الانتخابات. وثمة اكثر من شخصية تجزم بان ما اوقف ترشيح النائب سليمان فرنجيه من ان يأخذ مداه هو توتر العلاقات السعودية – الايرانية وليس اي عامل محلي استنادا الى ما يجزم به وزراء عن مضمون لقاءات مسؤولين ايرانيين للبنان من ان هناك استعدادا للمرونة في اليمن على قاعدة التسليم بالانتصار للمملكة ولو انهم لا يعترفون ضمنا لها بذلك وعلى قاعدة الاستعداد لتسهيل حصول انتخابات رئاسية في لبنان ، الامر الذي اتاح فرصة لانطلاق دعم النائب فرنجيه قبل ان يعود فيقفلها غياب جواب “حزب الله”.

المعطيات المتوافرة في اوساط متعددة سعت الى استكشاف ما اذا كان هناك من جديد حتمته خطوة جعجع ،علما ان العناوين التي تفرض تأجيل الاستحقاق الرئاسي لا تزال هي نفسها : الملف السوري الذي وان كان لبنان لا يمكن ان ينتظر انتهاء صياغة الحل لانهاء الحرب في سوريا ، الا ان هناك حتمية انتظار ما سيكون عليه شكل الحل وطبيعته والذي يمكن ان يتبلور خلال ستة او سبعة اشهر، الامر الذي يعني ان شكل الحل في لبنان او حتى الاستحقاق الرئاسي قد لا يحمل المعالم نفسها التي يحملها راهنا على رغم اهتمام مختلف الافرقاء بمحاولة تعزيز اوراقهم او امتلاك اخرى حتى ذلك الوقت. فمع ان مصير بشار الاسد يبدو انه تقرر بين واشنطن وموسكو من اجل ان يبقى سنتين اضافيتين حتى 2017، فانه من غير المرجح ان تتخلى ايران عن امساكها بورقة الاستحقاق الرئاسي اللبناني قبل اتضاح موقع ايران من الحل السوري باعتبار انه موقع استراتيجي وبالغ الاهمية بالنسبة اليها على عكس ما قد يكون في اليمن حيث تستخدم دعم الحوثيين للضغط على المملكة السعودية. الامر الثاني والذي لا يقل اهمية يتصل بواقع ما اذا كانت العلاقات بين ايران والمملكة السعودية يمكن ان تتجه الى تخفيف التوتر وربما اكثر، اذ يقول مطلعون انه وعلى عكس الوتيرة المرتفعة من المواقف المعلنة بين الجانبين ، فان ثمة مؤشرات على ما قد يكون معاكسا للاجواء الاعلامية. واعتذار المرشد الاعلى للجمهورية الايرانية علي خامنئي قبل يومين عن الاعتداء الذي حصل على السفارة السعودية في طهران يعد مؤشرا مهما يضاف الى المعلومات عن النية لابداء مرونة في موضوع اليمن وتحقيق المملكة الانتصار الذي ترغب في اعلانها الوصول اليه من اجل تشجيعها على الجلوس الى طاولة المفاوضات، اذ لا تخفي مصادر ديبلوماسية غربية ان المملكة لا تجاري الدعوات الى رأب الصدع مع ايران من دون شروط في مقابل الموقف الايراني الذي لا يدعم وجود شروط وفق ما كانت ابلغت ايران بعض الدول الغربية. في اي حال ، ثمة ما يدعو الى البناء على محاولة وضع الامور على السكة انطلاقا من انه يضاف الى هذا العامل ايضا العامل الباكستاني وتدخل باكستان على خط التضامن مع المملكة والرغبة في منع استفادة طهران من حشر السعودية في موضوع الصراع الايراني- السعودي المفتوح. هذه العوامل وحدها تكفي لاعادة موضوع الانتخابات الى دائرة المراوحة التي يدور فيها وما يعنيه ذلك من ان خطوة جعجع قد اتت بمثابة ضربة سيف في الماء وفق بعض المصادر المطلعة على قاعدة مجموعة نكسات او خسائر يمكن ان تترتب عليه وهو يدركها ما دام قد تم تحذيره مسبقا من انعكاسات خطوته ولفته اليه، اذ ثمة اسئلة ترتبت اولا على مبادرة وزير خارجية قطر الى الثناء على خطوة جعجع في حين ان اجواء المملكة السعودية لم تكن توحي باي مرونة ازاء هذه الخطوة التي”لا تغتفر” من وجهة النظر السعودية ، بل بدت من حيث توقيتها نقطة ضعف تتوسل تقديم غطاء عربي بديل من الغطاء السعودي او ربما دافع الى تغييره. وهناك اسئلة ترتبت ايضا على تأثير خطوة تأييد جعجع عون على تحالفاته من ضمن قوى 14 آذار، اذ تعرض هذا التحالف لاهتزاز قوي لا يبدو قابلا للالتئام في وقت قريب . وهو امر قد ينسحب على نحو مماثل على التعاطف والدعم اللذين كان يحظى بهما جعجع تبعا لذلك لدى الدول العربية بتأثير من الدعم داخل الطائفة السنية والذي كان زاد بعد دعم تأييد فرنجيه.