سرّ بقاء الرئيس الراحل حافظ الأسد 30 سنة في حكم سوريا، مع الاستقرار الذي عاشته سوريا 30 سنة في عهده، هو أنّ الرئيس الراحل، كان يعلم جيداً أنه لا يستطيع أن يحكم سوريا… وهو على عداوة مع أميركا.. كما كان يعلم أيضاً كيف… ومتى يحكم… من دون أن يشكّل أي عداوة مع الولايات المتحدة الاميركية…
نقول هذا الكلام كي نؤكد، أن ما يجري في سوريا اليوم سببه سوء إدارة الرئيس بشار الأسد خلال حكمه لسوريا، كي لا نقول أكثر من هذا…
على كل حال، أريد أن أعود الى الماضي لأقول: في العام 1981، وأثناء حفلة لتخريج مظليّات لـ «سرايا الدفاع»… التابعة للفرقة العسكرية التي يتولاها شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد، أعني رفعت الأسد.
في ذلك الاحتفال، ألقى الرئيس الراحل حافظ الأسد خطاباً شرح فيه الموقف السوري من الحرب الإيرانية – العراقية التي كانت مُسْتعرة يومذاك، وأوضح أنه على الحياد، وأنّ موقفه هذا يأتي من إدراكه أنّ من الخطأ أن يكون كل العرب ضد إيران، وأنه بموقفه الحيادي يستطيع أن يلعب دوراً في حلّ مشكلة الحرب بين إيران والعراق، كما أن على العرب أن يستفيدوا من موقفه الحيادي، من أجل تحقيق السلام.
المصيبة أن الرئيس بشار الأسد، وبالرغم من كل الدعم الذي كان المغفور له الملك عبدالله يقدمه له: مالياً وسياسياً، فإنه أدار وجهه الى المملكة. ويكفي أن نقول إنه وفي عهده وأثناء حكم السوريين للبنان اغتيل شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري… كما أن علينا أن لا ننسى الصورة التي كان يفتخر بها بشار، وهي صورته وإلى جانبه الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد، وصورة الشهيد حسن نصرالله.. هذه الصورة لا يمكن أن يقدم عليها الرئيس الراحل حافظ الأسد، لأنه يعرف تماماً ماذا تعني.. ولكن للأسف كان بشار «قصير النظر».
في العودة الى بداية الأحداث في سوريا نرى أن التظاهرات التي انطلقت في منتصف شهر آذار (مارس) 2011 من حماة.. واللافت أن التظاهرات ظلت لمدة ستة أشهر يطالب الشعب من خلالها بالحرية والديمقراطية والانتخابات الحرة وحرية الإعلام، والسماح بكل أنواع الإعلام من تلفزيونات وإذاعات وصحف ومجلات بالإضافة الى إجراء انتخابات حرّة من دون أي تدخل من الحكومة والمخابرات، وبدل أن يلبّي الرئيس بشار الأسد مطالب الشعب المحقة، كان يدّعي أن هناك مؤامرة على النظام، وأنه يدافع عن نظامه.
وبعد اغتيال مليون ونصف مليون مواطن، وتهجير أكثر من 12 مليوناً آخرين، وبعد تهديم كل المدن السورية بدءاً من العاصمة دمشق مروراً بحمص وحماة وحلب والساحل البحري، وكل المدن السورية عمّت الثورة كل أرجاء سوريا، ولولا تدخل الروس بناءً لرشوة قدمها قائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني، ودفعه 6 مليارات من الدولارات لموسكو، لما سلم بشار. ولو تأخر الروس أسبوعاً لكان النظام اليوم في خبر كان.
إنّ ما يجري اليوم في سوريا يدل على ان هذا النظام لا يمكن أن يستمر ويعيش وهو في غربة عن شعبه. ويبدو أنه غير قابل للتصالح مع الشعب، بالرغم من الجهود الروسية.
وعلينا أن لا ننسى أن تركيا لها أطماع تاريخية في سوريا، وهناك 4 ملايين سوري اليوم في تركيا، علماً أنه وبعد عدة محاولات قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمصالحة مع سوريا، فإنّ الرئيس بشار رفضها ولا يزال، ولا ندري لماذا؟
على كل حال، هذا النظام لا يستطيع أن يستمر… أكرر قد يأتي اليوم الذي يدفع فيه بشار الثمن، ويبدو أن الموعد بات قريباً.
كلمة أخيرة… نصيحة أقدّمها الى كل الحكام في العالم: لا تعادوا أميركا…