خفف الاعلام السوري من سلبيات الانسحاب الروسي من الحرب الدائرة في سوريا منذ خمس سنين، ورأى فيه مقدمة لاعادة التمركز، مع العلم ان لا مجال امام الروس لان ينقلوا قواتهم العسكرية الجوية والبحرية والبرية الى اية منطقة في المحيط العربي، الا في حال كانت رغبة روسية بخوض غمار الحرب الدائرة في العراق واليمن، وهذا بدوره مستبعد تماما حيث ان عرب العراق واليمن لا يرغبون بالمزيد من التورط العسكري العربي والاجنبي.
لكن ما هو مؤكد ان الروس شعروا ولو متأخرين بأنهم كانوا عالة على السوريين من غير ان يستفيدوا من حربهم هناك، حيث لا يمكن سداد تكاليف الحرب التي تطورت بشكل مذهل في العام الماضي، بعد اضطرارهم الى تشغيل طيرانهم الحربي على مدار الساعة من دون ان تنجح قوات نظام بشار الاسد في السيطرة على الاماكن التي يحررها الروس، الى درجة الخوف على قواتهم ومعاركهم التي خسروها واستنفدت كثيرا من الضحايا، مثلهم مثل حرس الثورة الايرانية وايضا مثل مقاتلي حزب الله الذين زاد عدد ضحاياهم على ستمائة شهيد قدمها الحزب من غير طائل.
في خلاصة العملية الروسية يجمع المراقبون الديبلوماسيون على القول ان مديونية موسكو زادت كثيرا في الاونة الاخيرة الى حد تخطي المليارات في الشهر الواحد من دون ان يلمسوا بارقة ايجابية من جانب قوى النظام الذي شارف على الانهيار على رغم المساعدات التي يتلقاها دوريا من الجمهورية الاسلامية في ايران التي باتت تشعر بدورها انها محرجة جراء الانسحاب العسكري الروسي وانكشاف مواقعها المتقدمة ووصولها الى وضع لا تحسد عليه جراء تركيز هجمات المعارضة عليها على مدار الساعة، والامر عينه ينطبق على حزب الله الذي يعاني بدوره من انكشاف مقاتليه بلا جدوى عسكرية تذكر؟!
وثمة من يعلق اهمية على زيارة وزير الخارجية الاميركية جون كيري الى موسكو هذا الاسبوع، حيث ترددت معلومات ديبلوماسية تشير الى صفقة غير مستبعدة بين موسكو وواشنطن تقضي بتحديد ساعة الصفر بالنسبة الى سقوط نظام بشار الاسد بما في ذلك ترحيله الى حيث بامكانه ان يجد من يرحب به في دولة اميركية لاتينية، قادرة على تأمين حمايته مع افراد اسرته، وهناك من يرشح دولة فنزويلا لهذه الغاية السياسية، اضف الى ذلك ان مليارات النظام لم تعد على ما هي عليه بعدما استنزفها في سني الحرب على شراء اسلحة وحاجات اخرى ملحة لم تعد موجودة على الارض السورية.
اما الذين على رأي اخر، فيقولون ان لا مجال امام انسحاب الايرانيين وحزب الله الذين تكبدوا خسائر بشرية ومادية فادحة، قبل ان يسهموا في استرداد بعض ما صرفوه على الحرب السورية، فيما كانت لهم مساعدات مادية مباشرة للنظام قبل ان يتهاوى ويقترب من ان يلفـظ انفاسه الاخيرة. ويقول مطلعون ان المديونية السورية لايران قد تجاوزت بدورها ثلاثين مليار دولار من الصعب على طهران تجاهلها في ظل ظروفها الصعبة التي تجتازها من دون مقابل سوري، باستثناء القول ان الحرب السورية قد مهدت امام ايران طريق التفاوض مع الاميركي بالنسبة الى الملف النووي.
وفي رأي جهات اجنبية – مخابراتية، ان طهران ستجد نفسها مضطرة للانسحاب من سوريا في وقت لا يتعدى منتصف العام الجاري حيث لن يكون بوسع جنودها مع مقاتلي حزب الله ملء الفراغ الذي كان الروس يغطونه قبل انسحابهم الدوري من الاراضي السورية، في سياق لعبة سياسية – استراتيجية يمكنها التعويض خسائر موسكو بطريقة ام بأخرى، وعندها لن يكون بوسع بشار الاسد معاندة قدره واستمراره على رأس سلطة فقدت مبررات وجودها (…)
المهم من وجهة نظر المعارضة السورية ان لا يستمر بشار الاسد طويلا في السلطة قبل ان تضطره ظروف الداخل لان يغادر سوريا في اقرب وقت ممكن، فضلا عن ان خيار الخلاص من تنظيم داعش على الاراضي السورية اصبح نهائيا ولن ينفع النظام في الاتكال عليه بعدما تراجع دوره بشكل ملحوظ جراء تركيز الضربات الجوية الروسية على مواقعه في معظم المناطق السورية، مع العلم ان جيش النظام قد سجل تراجعا ملحوظا حيث تشير معلومات ميدانية الى هذا الواقع بكثير من الحذر الاعلامي؟!