IMLebanon

متغيرات الحرب السورية؟!

لا شك في ان الحرب السورية لم تصل الى حد معرفة المنتصر فيها، بفعل تردي الاوضاع السياسية والعسكرية بمعدلات قياسية، لم تترك لاحد القدرة على اعتبار نفسه في وضع احسن من سواه.

وهذا التوصيف ينطبق على روسيا التي عرفت الى الان ان نسبة تورطها  في الحرب لم تكن لمصلحتها، باستثناء ما يمكن قوله ان موسكو ساعدت نظام بشار الاسد على تأخير انهياره في مواجهة خصومه من الجيش الحر ومن الاصوليين في وقت واحد.

لقد قيل في مرحلة ما قبل تورط الروس في الحرب السورية ان بشار الاسد لن يصمد في مواجهة خصومه لاكثر من ثلاث سنين.

لكن دخول الروس الحرب الى جانبه ضاعف من سنوات تماسكه كنظام وسلطة، كما ضاعف من عدد الضحايا والجرحى والنازحين الى اكثر من عشرة ملايين، بما في ذلك تدهور الاقتصاد السوري الى حد الاتكال على الاستدانة من القطاع الخاص ومن الاموال التي سبق للنظام ان سرقها وتقدر بمليارات الدولارات، مع العلم ايضا ان موظفي القطاع العام لم يعودوا يتقاضون رواتبهم  جراء الشعور بافلاس قريب وحتمي للخزينة، فيما يقتصر دفع الرواتب وتقاضيها على العسكريين  المقاتلين.

ويقال في مجال الهجمة العسكرية المركزة على مناطق شمال سوريا هذه الايام، انها تحتاج الى اكثر من عمليات متكررة لوقف النار نظرا لحاجة الجميع بلا استثناء الى اعادة ترتيب حساباتهم بما فيهم القوات الروسية التي بدت اخيرا في حال يرثى لها، بفعل كثافة المصاريف التي لم تكن محسوبة في بداية الحرب على اساس ان الحرب لن تستغرق سوى اقل من سنة، الى ان تضاعفت اعداد السنين وزادت معدلات الصرف الى مستوى ما ليس بوسع الاقتصاد الروسي تحمله، لذا فان موسكو لم تعد تمانع في عقد تفاهمات مع الاميركيين لتكثيف ايام وقف النار، من دون ان يقدر الروس على الزام خصوم الاسد في الموافقة على ذلك، وقد تكررت تحركات موسكو في الامم المتحدة ومع الاميركيين لكسر هذه الاشتباكات بما في ذلك الطلعات الجوية التي تراجعت الى حدود 12 طلعة يوميا بعدما كانت في حدود 42 طلعة؟!

وما يقال عن العمليات الجوية الروسية يقال مثله عن هجمات قوات الاسد التي تراجعت بدورها الى اكثر من النصف، فضلا عن ان دخول القوات التركية الحرب على داعش والاصوليين، قد عزز من مواقف الجيش السوري الحر، وسمح للمعارضة بأن تكسر شوكة جيش الاسد الذي دفع كثيرا ثمن حصار حلب من دون ان يتوصل الى دخولها، بعدما فرض ثقله  العسكري لدخول حماه بلا طائل (…)

والسؤال المطروح في هذه المرحلة: الى متى يستطيع جيش الاسد الاستمرار في حربه مدعوما من الروس والايرانيين وحزب الله، خصوصا مع عودة المعارضة الى احياء عملياتها في محيط العاصمة السورية حيث رصدت اخيرا سلسلة مواجهات مع الجيش الحر من غير ان يقدر الطيران الروسي على التصدي لها لاعتبارات استراتيجية تدخل في صلب التماسك القائم بين هؤلاء وبين قوى المعارضة المرتبطة بالجيش السوري الحر (…)

هذا السؤال من الصعب الرد عليه بحسب ما صدر ويصدر عن اعلام الاسد الذي يصور الاوضاع العامة في سوريا بأنها تتجه لمصلحة النظام، فيما يعرف المراقبون ان العكس صحيح، كما يجمع المراقبون الديبلوماسيون على القول عن تراجع القصف الروسي انه نتيجة حتمية لتراجع المخصصات المالية للحرب في سوريا، فضلا عن ان دخول الاتراك الحرب في سوريا ساعد على قلب  موازين المعركة، وزاد من احتمالات تحسن اوضاع قوى المعارضة في المناطق الشمالية من سوريا، حيث تكثفت المواجهات بمعدلات قياسية لم تكن متوقعة قبل انصراف الاميركيين الى الشغل على وقف النار بشكل رحب به الروس؟!

كذلك تشير توقعات المراقبين الى ان الظروف العسكرية السائدة في سوريا لن تبقى على ما هي عليه من تقدم لمصلحة قوى الاسد، لاسيما بعد تراجع الدعم الايراني العسكري من محيط حلب الى حد الانتشار في مناطق قريبة من العاصمة دمشق، بما يوحي وكأن الخوف مستمر من امكان مهاجمة مواقع السلطة التي تحميها قوى حزب الله، لاعتبارات يفهم منها ان وجه الحرب رشح لان يتغير بصورة واضحة في وقت غير بعيد؟!