IMLebanon

السوريون يتوجّهون مُجدّداً الى جنيف

على وقع احتدام المعارك في مناطق مختلفة من سوريا، ومحاولات تغيير خريطة السيطرة العسكرية في البلاد، تتوجّه تباعاً وفود المعارضة والنظام الى جنيف لإجراء جولة مشاورات جديدة في شأن الحلّ السياسي.

على رغم توسّع رقعة الاشتباكات في الميدان السوري، وعدم ملاءمة المناخات العربية والإقليمية والدولية المحيطة بالازمة، إلّا أنّ أوساط الخارجية الروسية ترى أنّ جولة المشاورات التي أطلقها المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دو ميستورا في جنيف قادرة على تحقيق تقدّم ملموس على طريق الحلّ السياسي، انطلاقاً من مجموعة مؤشرات ابرزها، إجماع كلّ أطراف الازمة على استحالة الحسم العسكري لمصلحة أيّ طرف، وذلك بعد تراجع دور بعض اللاعبين الاقليميين على المستوى الداخلي، الامر الذي فرض شروطاً جديدة على مسار العملية السياسية.

وتعتبر الاوساط أنّ دخول التحالف العربي بقيادة السعودية في حرب باليمن، قد وضع الازمة السورية في آخر اهتمامات الرياض التي شكلت الغطاء العربي للمعارضة السورية منذ بدء الازمة. زِد على ذلك أنّ الازمة السياسية التي تعصف بنظام الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، قد دفعته الى اعادة قراءة مواقفه تجاه الشروع في عمل عسكري في سوريا الى جانب حلفائه الغربيين والعرب.

وذلك بعدما شعر أيضاً بتأرجح المواقف الاميركية وعدم قدرة البيت الأبيض على اتخاذ قرارات حازمة في شأن أيّ عمل عسكري محتَمَل في سوريا، لذلك نرى أنّ واشنطن اختصرت معركتها بالمشاركة في غارات التحالف الدولي على مواقع تنظيم «داعش» الإرهابي في سوريا والعراق.

وعلى رغم ذلك تعتبر الاوساط أنّ تركيا لا تزال تلعب دوراً مهماً في الازمة السورية وأنّ إسقاط الرئيس بشار الاسد بأيّ وسيلة لا يزال على اجندتها. وتنتقد مساعي انقرة إلى توحيد ما يسمى «البندقية الاسلامية» المعارضة، وذلك من خلال استضافتها وعملها الحثيث والضغط على قيادات بعض الفصائل السورية لتشكيل «جيش إسلامي موحَّد».

وترى أنّ التعقيدات الخارجية أرخت بثقلها على مواقف اللاعبين الداخليين في الازمة، وهذا ما تجلّى بمواقف المشاركين في منتدى «موسكو2»، حيث أبدت أطراف المعارضة المختلفة ليونة واضحة في قضايا حساسة مثل استقالة الاسد او دوره السياسي مستقبلاً في البلاد، ورفض أيّ تدخل خارجي بأيّ ذريعة كانت، وضرورة التعاون في مكافحة التنظيمات الارهابية المتطرّفة، وتأكيد التفاوض طريقاً وحيداً للخروج من الازمة.

ما يعني أنّ الاطراف المعنية مباشرة بالأزمة قد توصلت الى خلاصة مفادها أنّ سوريا لجميع السوريين وأنْ لا بديل من الجلوس معاً والتعاون لتكوين رؤية محدَّدة توقف النزيف الحاصل في البلاد منذ اكثر من اربع سنوات.

وتؤكد الاوساط أنّ الديبلوماسيين الروس يتابعون عن كثب مشاورات جنيف، وقد ابلغوا إلى المبعوث الاممي استعدادهم للعمل على إزالة أيّ معوقات قد تظهر امام استمرار هذه المشاورات للتوصل في نهاية المطاف الى مفاوضات مباشرة بمشاركة الاطراف كافة.

وتعتبر أنّ دخول إيران على خط المشاورات السياسية في شأن سوريا للمرة الاولى يشكّل مؤشراً مهماً من شأنه إزالة كثير من العقبات، لكنّ الأجواء المشحونة بين طهران والرياض على خلفية الازمة في اليمن ستقلّل من قدرتهما على التأثير في مجريات الحدث السوري إيجاباً على المستوى السياسي.

وعلى رغم هذه الصورة المعقَّدة التي تعود فيها الازمة السورية مجدَّداً الى جنيف، فإنّ أوساط الخارجية الروسية ترجح أن يتمكن دو ميستورا من جمع أطراف الازمة الى طاولة واحدة، خصوصاً أنّ المبعوث الاممي كان قد أكّد أنّ المشهد السوري يفيد أنه لا يمكن أبداَ إيجاد لحظة مثالية لإجراء المحادثات.