Site icon IMLebanon

سوريا العنوان الأبرز لزيارة بوتين لأنقرة

يتوجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم إلى أنقرة في زيارة رسمية للقاء نظيره التركي رجب طيّب أردوغان. ووفقَ تسريبات دوائر السياسة في الكرملين فإنّ الأزمة السورية ستتصدّر المواضيع التي سيبحثها الرئيسان، في اعتبار أنّها الأكثر إلحاحاً وحساسية بالنسبة إلى الطرفين.

ليس مصادفةً أن يستبق بوتين زيارته الى تركيا بسلسلة مواقف تتعلق بالأزمة السورية. فالرجل يُدرك حجمَ الدور التركي في هذه الأزمة على المستويين السياسي والميداني، خصوصاً أنّ مصادر مقرّبة من الكرملين أشارت الى أنّ مباحثات أنقرة ستتناول قضيّة معسكرات تدريب المسلحين على الاراضي التركية وتأثيرها على الأجواء التي تحاول موسكو توفيرَها لإيجاد حلٍّ سياسي للأزمة.

ما يعني أنّ بوتين سيطرح رؤية موسكو للحلّ من خلال ما خلُصَت إليه اللقاءات التي عقَدتها مع ممثلي الائتلاف السوري المعارض ومع وزير الخارجية السوري وليد المعلم.

من جهته، مهَّدَ أردوغان لزيارة بوتين بمواقف مريحة لموسكو، وأبرزُها اتّهامه واشنطن بالتلاعب بالأزمة السورية ووصفها بـ»الوقحة»، مؤكّداً أنّ بلادَه لن ترضَخ للضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، وذلك عقبَ زيارة نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الى تركيا محاوِلاً ترطيبَ أجواء العلاقات، لكنّه فشلَ في إقناع أردوغان بضرورةِ التريّث في إقامة مناطق عازلة في سوريا، وتوجيه ضربات التحالف الدولي نحو النظام السوري.

وفي ظلّ التوتّر القائم على الساحة الدولية بين موسكو من جهة، وواشنطن وبروكسل من جهة أخرى، فإنّ الخَلل في العلاقة بين أنقرة والغرب يُعزّز الدور الروسي في الشرق الأوسط في اعتبار تركيا الحليفَ الأكبر والأقوى لذلك المحور في المنطقة، وبالتالي سيؤدّي تراكم الخلافات بينهما الى فتح ابواب أنقرة على مصراعيها أمام موسكو، خصوصاً أنّ الكرملين ينظر بإيجابيّة الى مواقف تركيا الأخيرة وعدم تأييدها العقوبات التي اتّخذها حلفاؤها الغربيون ضد روسيا، وهذا ما تعتبره موسكو خطوةً مهمّة على طريق تعزيز العلاقات الثنائية، كما أنّه يشير الى استقلالية قرارات أنقرة وقدرتها على عدم الرضوخ للضغوط لإرضاء الأطماع الخارجية.

زِد على ذلك، أنّ الطرفين يسعيان إلى زيادة حجم التبادل التجاري بينهما السنة المقبلة إلى نحو 40 مليار دولار. وعلى رغم الغزل الروسي – التركي المتبادل قبيل لقاء القمّة بين قيصر الكرملين وسلطان القصر الابيض، إلّا أنّ هناك كثيراً من الاختلاف في وجهات النظر وتحديداً ما يتعلق بالأزمة السورية.

فالرئيس الروسي يُدرك مواقفَ أردوغان العدائية تجاه النظام السوري، لذلك جدّد تأكيد دعم بلاده حكومتَي دمشق وبغداد في مواجهة الحركات الارهابية المتطرفة.

ما اعتبرَه المراقبون رسالةً واضحة عن عدم تراجع الكرملين عن مواقفه، خصوصاً أنّ بوتين أعلنَ منذ ايام أنّ «الولايات المتحدة تريد إخضاع روسيا، لكنّها لن تنجح أبداً، فهذا لم يتحقّق عبر التاريخ ولن يتحقّق إطلاقاً».

وفي المقابل سيكون من الصعب إقناع الرئيس التركي بالتنازل عن مواقفه الداعية إلى إسقاط الاسد، لذلك فإنّ «قصر اردوغان الابيض» الذي يفوق

بمساحته الكرملين والبيت الابيض وقصري فرساي وباكنغهام بالاس، لن يتمكّن من احتواء المساحة التي تفصل بين مواقف موسكو وأنقرة.

إذاً القمّة التركية – الروسية لن تخرج عن إطار تنظيم التناقضات في لعبة السعي لتحقيق المصالح من الطرفين، لكنّها في الوقت نفسه قد تشكّل بدايةً مهمّة لتكريس الخلاف بين أنقرة وواشنطن، ما سيؤدّي في المحصلة إلى انخفاض أسهم الولايات المتحدة في المنطقة.