IMLebanon

أزمة نظام

فبراير 7, 2017 00:31مقالات

لم يعد يفصل اللبنانيين عن موعد بدء المهل القانونية للاستحقاق الانتخابي سوى أقل من أسبوعين والجدل ما زال مستعراً بين الطبقة السياسية الحاكمة حول قانون للانتخابات يحقق التمثيل العادل والصحيح وفق ما يدعون، ولا يبدو في الأفق المنظور أية بوادر إيجابية عن امكانية توصلهم إلى توافق وصار التمديد للمجلس الحالي امراً حتمياً ولو تحت عنوان التمديد التقني الا إذا ما حصلت معجزة تردم الهوّة القائمة بين هذه الطبقة ويتم التوافق في اللحظة الأخيرة على قانون جديد يحترم وحدة المعايير ولا يقوم على قاعدة توزيع الحصص واقتسام النواب بين هذه الطبقة كما هو واقع الحال حتى الساعة.

الذي بات واضحاً أن الثنائي المسيحي، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر يتمسكان بالقانون المختلط أي القائم نصفه على النسبية والنصف الآخر على الأكثري آخذين بالاعتبار وضع الاقليات في الدوائر الانتخابية لكي يضمنوا حصولهما في الانتخابات على الغالبية الكبرى من النواب المسيحيين، ويضغطون على باقي الأطراف بتهديدهم بالفراغ أو الاستفتاء الشعبي كما يطالب بذلك رئيس الجمهورية في حال لم يتوصلوا إلى توافق حول قانون يحقق التمثيل العادل والصحيح ضمن المهل التي نص عليها الدستور، وهذا الإصرار على المختلط خلق بلبلة واسعة في صفوف الأطراف الأخرى كالحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المردة وحزب الكتائب وحتى تيار المستقبل من ان يتقلص عدد نوابهم لمصلحة الثنائي المسيحي، ورفع هؤلاء جميعاً باستثناء تيّار المستقبل شعار التمسك بقانون الستين حتى لا يشملهم الاقصاء كما يقولون رافضين في الوقت نفسه الدخول في مجهول المختلط المفصل على مقاس الثنائي المسيحي وأدى كل ذلك إلى تجميد اجتماعات اللجنة الرباعية المؤلفة من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة امل وتيار المستقبل تاركين لرئيس الجمهورية ان يتولى مهمة التوفيق بين كل الاطراف قبل الوصول الى ما يسمى بأزمة نظام في الوقت الذي بادر الرئيس الى حسم أمره الى جانب القانون المختلط وحدد البديل بالفراغ أو بالاستفتاء الشعبي وكلاهما مخالف للدستور وللنظام الذي يقوم على الديمقراطية البرلمانية الذي لا مكان فيه لا للفراغ ولا للاستفتاء الشعبي الا في حال العودة الى الشعب لاختيار ممثليه في الندوة النيابية مرّة كل اربع سنوات حسب ما هو مقرر في كل القوانين الانتخابية المتعاقبة، فهل بعد كل هذه التعقيدات يمكن ان يشكل اقتراح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بادخال تعديل على قانون الستين او بالعودة الى اتفاق الطائف الذي نص على الغاء الطائفية في الانتخابات النيابية بعد انشاء مجلس شيوخ على أساس طائفي، ام ان الامور ستزداد تعقيداً وصولاً إلى الفراغ بكل ما يعنيه من سقوط الدولة أو النفخ في بوق اللامركزية السياسية وصولاً الى الكونفدرالية التي يُشكّل قيامها نهاية هذا البلد المميز بتعدديته وسط بقعة جغرافية تقوم على الأحادية.

إذا لم يهدِ الله الطاقم السياسي الحاكم أو يلهمهم تقديم التنازلات المتبادلة والتخلي عن الحصص والمغانم، فالبلد مقبل حتماً على أزمة نظام.

د. عامر مشموشي