IMLebanon

دعوة باسيل غير المباشرة الى تطوير النظام اطلقت «نقزة» ومخاوف مسيحية

 

تطبيقه يُؤدي الى خلل في المناصفة ويضرب الصيغة ويُلغي التعدّدية اللبنانية… !

 

«نظامنا السياسي ليس مقدّساً ونستطيع تطويره»، هذه العبارة جاءت لافتة جداً خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقده قبل ايام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، التي شكلت مفاجآة ترافقت مع دعوته الى حوار وطني، ينتج تصوّراً سياسياً جديداً، الامر الذي رأت فيه مصادر سياسية مسيحية خلال حديث لـ«الديار» طريقة غير مباشرة للتوجه نحو مؤتمر تأسيسي، في ظل خلافات سياسية كبيرة، وازمات لا تعّد ولا تحصى في جميع القطاعات الاقتصادية والمعيشية والمالية، وضمن مرحلة قطيعة بين اغلبية الاطراف السياسية، وخصوصاً بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وغياب التشكيلة الحكومية العالقة قبل اشهر، بسبب التناحرات على تقاسم الحصص، ما اطلق سلسلة اسئلة عن توقيت هذه الدعوة، في هذه الظروف الحساسة والدقيقة والخطرة؟.

 

الى ذلك علقت المصادر المذكورة على الابعاد السياسية للمؤتمر التأسيسي، فأشارت الى انّ لبنان متمسّك بصيغة التعايش المسيحي ـ الاسلامي، وبالنظام البرلماني الديموقراطي والمناصفة التي اقرّها اتفاق الطائف، وابدت إستغرابها لعودة الحديث كل فترة وخصوصاً اليوم، عن ضرورة تغيير النظام من خلال مؤتمر تأسيسي، لانه الحل الافضل بحسب الداعين له، لكن اي مسّ بالدستور هو قفزةٌ في المجهول.

 

ورداً على سؤال حول موقف بكركي من المؤتمر التأسيسي، قالت المصادر المذكورة: «الصرح البطريركي يرفض تغييّر هوية لبنان من خلال تغيير الميثاق الوطني، وهو يشدّد على ضرورة الاصلاح اولاً، ونذكّر بأنه سبق للبطريرك بشارة الراعي ان حذر من محاولة التسويق لهكذا مؤتمر، لانه يؤمن بالعيش المشترك والشركة بين اللبنانيين على مختلف طوائفهم، معتبرة بأنّ المؤتمر المذكور يؤدي الى خلل داخلي، لان لبنان مبني على الشراكة والالتزام بالميثاق، وهو يُطرح فجأة ثم يتم سحبه من التداول، بسبب رفضه من اكثرية الافرقاء السياسيين. لكن اليوم نسأل لماذا اعيد طرحه من جديد ولأي سبب؟ فالمهم اولاً تطبيق الدستور لا ضرب المرتكزات التي يقوم عليها لبنان، وبالتالي فالظروف لا تسمح بمؤتمر تأسيسي يضرب الصيغة، التي توافق عليها السياسيون في مؤتمر الطائف، مما يعطي الفوز للبعض على حساب الفئات الأخرى، فينتج عن ذلك إلغاء تعددّية المجتمع اللبناني، مؤكدة وجود هواجس لدى بكركي والمسيحيين عموماً من هذا الطرح، لذا علينا التيقظ والتفكير بوعي وادراك، مع رفض لكل ما يحاك لهذا البلد والتمسّك بالمناصفة والعيش المشترك».

 

ورأت المصادر عينها أن المؤتمر التأسيسي يعني ان الكيان غير موجود، وهو بحاجة الى اعادة تأسيس، وبالتالي أخذ الوطن الى المجهول. معتبرة بأنّ التعددية اللبنانية شيء ايجابي، لكن في المقابل يجب ان تعترف القوى السياسية ببعضها، ففي لبنان شعب واحد وتاريخ واحد، لذا لا نحتاج الى تأسيس، لكن عليهم ان يعترفوا بالتعددية لان الاختلاف غنى، مذكّرة بلاءات البطريرك بشارة الراعي وهي: لا للمثالثة، لا للمؤتمر التأسيسي ولا لنقض الدستور، مما يعني ان الظروف غير ملائمة بتاتاً لأي مشروع من هذا النوع، ووفقاً لمعايير جديدة تقوم على المثالثة، اي القضاء على صيغة المناصفة، مع ما يمثله ذلك من انتقاص وهدر لحقوق المسيحيين في لبنان. لافتة الى انّ بكركي لا تنظر سياسياً من منطلق طائفي، لان مواقفها لا تخضع للتوظيف السياسي، بل تنبع من دورها الوطني في الدفاع عن لبنان وسيادته وحريته، داعية الاطراف السياسية الى اتخاذ خطوات تهدف الى توحيد الكلمة اللبنانية، وحماية لبنان من التحديات المرتقبة، والانفتاح من جديد على الحوار والتفاهم والحرص على الوحدة الوطنية، لانها الضمـانـة الوحيدة للبنان.

 

وختمت المصادر بإبداء هواجسها ومخاوفها من إقامة هكذا نوع من المؤتمرات التغييرية، بهدف المثالثة او المداورة في رئاسة الجمهورية، اي توزيع جديد للسلطات، الامر الذي يشكل خلافات واسعة نحن في غنى عنها اليوم، ومن طرحها في مرحلة لا تتحمّل اي نزاع جديد.