IMLebanon

تغيير النظام

 

في أروقة السياسة اللبنانية، نقاش بدأ حول النظام واستحالة استمراره، وبالتالي حتمية العمل على تغييره. لن يأتي هذا التغيير إلا من الطرف القادر على حماية النظام والمنظومة، اذا رأى أنّ الفرصة باتت سانحة، لتوظيف فائض القوة على شكل مكاسب جوهرية تكرّس في الدستور، سواء بالنسبة لتراتبية التوزيع الطائفي للمواقع الأساسية، أو لهندسة تشكيل الحكومات والمجالس النيابية، وتوزيعها المكرس بالمناصفة، التي باتت مناصفة شكلية.

 

لا يقتصر هذا النقاش على مرجعية واحدة، ولا على جهة واحدة، وعلى رغم أنّ زمن الفراغ قد لا يسمح بتوقّع المفاجآت الكبيرة، إلا أنّ احتمال افتتاح «حزب الله» موسم الكلام عن تعديل النظام، يبقى احتمالاً جدياً، أو على الأقل لم يعد توقيت طرحه على الطاولة بعيداً.

 

تصف مرجعية سياسية مسيحية، الوضع القائم بأنّه يشكل فرصة واقعية لقيام «حزب الله» بطرح تعديل الدستور، والهدف استحداث مواقع واصطياد مواقع أخرى. العين هنا على استحداث موقع نائب لرئيس الجمهورية بصلاحيات جدية، كما العين على موقع قيادة الجيش، وعلى المثالثة النيابية والحكومية اذا كان بالإمكان تمريرها.

 

تنطلق هذه القراءة من عوامل يرتبط فيها الداخل بالخارج. ففي الداخل يتلهف «حزب الله» لترجمة فائض القوة بوزن جديد في النظام، وفي الخارج أدى الاتفاق السعودي- الإيراني إلى تقليم الدور الإقليمي «للحزب» في اليمن والعراق، وبالتأكيد في سوريا، وهذا التقليم سيوجه أنظار «الحزب» الى المعادلة الداخلية، بعد انتفاء دوره في المنطقة.

 

ليس بعيداً عن قراءة المرجعية المسيحية، تتوقع شخصية سنية مطلعة، أن يسلك «حزب الله» الطريق، إلى فتح ورشة التعديل في النظام، كي يأمن ترجمة قوته في هذا التوقيت، إلى مكاسب توسع دائرة تحكمه بمفاصل النظام اللبناني، وتضيف: ليس هناك من توقيت أفضل كي يحقق «الحزب» هذا الهدف، وسواء أوصل رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية إلى بعبدا، أو لم يوصله فهدفه واضح: تعديل النظام.

 

تزامناً مع كل هذه الاحتمالات، يبقى السؤال: هل سيستطيع «حزب الله» السير بتغيير النظام، وهل سيجد حليفاً مسيحياً، قادراً على التخلي عن قيادة الجيش، وعلى القبول بزرع موقع نائب رئيس الجمهورية في التركيبة الدستورية، ولو مقابل جزرة زيادة صلاحيات الرئيس؟ وهل سيستطيع تحييد السنة، عبر عدم المس بحضورهم في النظام مقابل اصطياد مواقع المسيحيين؟

 

الجواب يكمن في الأشهر المقبلة، التي ستشهد على الأرجح استمرار الفراغ، ما يعني استمرار التردي الاقتصادي، وارتفاع منسوب الاهتراء في الوضع العام، الذي قد يكون المدخل لضرب الحديد وهو حامٍ. لننتظر.