Site icon IMLebanon

نظام التلاعب  بالاكثرية والنسبية

اليوم تكتمل في ساحة النجمة الآلية الدستورية لتشغيل آلة السلطة الانتخابية. مجلس نيابي قليل الشغل طويل العمر كوفئ على الفشل بالتمديد الثالث له، يوافق بمادة وحيدة على مشروع قانون طويل عريض. ومجلس وزراء يسجل تحفظات. وهو يوافق بالاجماع على المشروع الذي ولد خارجه على ايدي خمسة اقواهم ليسوا نوابا وبينهم من ليس وزيرا، وجميعهم ليسوا خبراء. والعنوان الشائع، وسط غياب الاصلاحات التي طالب بها كثيرون والتزم تحقيقها مسؤولون، هو ان ما حدث انجاز تاريخي.

وحدهم الابرياء يتصورون ان حلم النسبية صار كابوسا. فلا النسبية بمفهومها الاصلي هي حلم في نظام طائفي ومذهبي. ولا النسبية المشوهة على الطريقة اللبنانية هي كابوس مختلف عن كوابيس الانتخابات حسب النظام الاكثري. وكما في الصيغ التي جربناها في النظام الاكثري كذلك في الصيغة التي سنجربها في النظام النسبي: اللعبة واحدة، وان جرى تبدل في قواعدها. فما جربناه ليس النظام الاكثري القائم على الدائرة الفردية في الانظمة الديمقراطية بل نظام اللوائح في دوائر متوسطة او واسعة في الانظمة الشمولية. وما نجربه ليس النظام النسبي في دوائر كبيرة او في لبنان دائرة واحدة بل خلطة هجينة معقدة. ولا أحد يجهل ما الذي يدفعنا الى التلاعب بالنظامين الأكثري والنسبي. انه خوف التركيبة السياسية من التغيير نحو الأفضل، وخوف الناس من التغيير نحو الأسوأ.

تلك النسبية جيدة في أنظمة المواطنة ومجتمعات الأحزاب الوطنية العابرة للطوائف والمذاهب والإتنيات والمناطق والمتنافسة على برامج سياسية واقتصادية واجتماعية. والرهان عليها هو رهان، لا فقط على شمولية التمثيل بل أيضا على التغيير الحقيقي بالنسبة الى اعادة تكوين السلطة. أما حيث الطوائف والمذاهب والإتنيات أحاديات شبه مغلقة تصوت على أساس بلوكات، والأحزاب المهيمنة عابرة للحدود لا للطوائف، فان النسبية في دوائر كبيرة أو دائرة واحدة تقود الى طغيان العدد على التعددية. وهي في دوائر صغيرة أو متوسطة حيلة للحفاظ على التوازن بين القوى الطائفية والمذهبية. فالواقع في لبنان يطغى على النسبية، من حيث يتصور الحالمون انها وسيلة لتغيير الواقع والتركيبة السياسية.

وما أسقط الاصلاحات المطلوبة من مشروع القانون ليس ضيق الوقت في ربع الساعة الأخير بل ضيق النظام والقوى المتحكمة به بأي مطلب يعطي المجتمع المدني قوة ويقود الى دولة مدنية بالفعل.

ولا بأس، مع ذلك. فالقليل من التغيير قابل للتوسع. ومواجهة التحدّي فرصة أمام الناخبين الراغبين في صنع التغيير، ولو على مراحل.