بدأ النّظام السوريّ صبَاحه بالأمس بمواصلة نَسْج «الكِذْبة» التي أطلقها أواخر آب الماضي، وتجاهلَ وبشكلٍ كليّ إسقاط إسرائيل لإحدى طائراته الحربية «ميغ 21» لمجرّد تحليقها في المجال الجوي لمرتفعات الجولان فتولّى صاروخ باتريوت إسقاطها، واكتفى هذا «النظام الوقح» كعادته بالأقوال للردّ على هذا الاعتداء على سيادته فاعتبر الاعتداء عليه وعلى سلاحه الجوي «تصرّف عدوانيّ»، وهذا ليس بجديد على هكذا نظام لا يستخدم طيرانه الحربيّ إلا لقتل شعبه!!
واستغرق النّظام السوريّ في توزيع الكذب وضخّه، وليس بـ»أكذب» من بشّار رأس النظام إلا سفيره بشّار الجعفري في الأمم المتحدة، وحديثه عن إبلاغ الولايات المتحدة لدمشق بالغارات التي ستنفّذ على «داعش» فجر الأمس، ولا بدّ لنا هنا من إنعاش ذاكرة النّاس القصيرة ـ التي يتّكل عليها هكذا نظام لمواصلة الكذب ـ فمنذ صدور القرار الدوليّ رقم 2170 الذي أعقبه المؤتمر الصحافيّ الشهير لوزير خارجية نظام «الكذب» وليد المعلّم، بترحيب نظامه بالقرار، ودعوته دول العام للتّعاون مع نظامه في محاربة الإرهاب، وبرغم كلّ الرّدود الدوليّة الرّافضة لتعويم الأسد ونظامه، ظلّ إعلام حزب الله ونظام بشّار الأسد ومنذ 29 آب يهتف ويُهلّل للقرار الأميركيّ ويصوّره على أنّه دعم ومساعدة لبشّار الأسد بقصف «داعش»، وباستطاعتنا أن نحيل القارئ على عشرات المقالات في أشهر صحف حزب الله التي حلّلت الموقف على هذه الصورة، وصيغت هي نفسها ودبّجت مقدّمات إخبارية لنشرات تلفزيونيْ المنار والميادين!!
ومن شدّة تصديق النّظام السوريّ وحلفائه لـ»كذبتهم» لا بدّ لنا أيضاً أن نحيل القارئ على تصريح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي طالب نظيره الأميركي جون كيري يوم الأحد الماضي «بضرورة احترام واشنطن السيادة السورية في حربها ضد تنظيم «داعش»، أو على تنديد الرئيس الإيراني حسن روحاني بالأمس «بانتهاك السيادة السورية بعد الضربات الجويّة التي شنّها التّحالف الدوليّ على مواقع «داعش» في شمال سوريا»!!
وأكثر وأبعد من هذا، وبعد رفض أميركا وحلفائها تعويم نظام بشار الأسد، تحدّثت و»تفلسفت» قبل أيام قليلة في 15 أيلول الجاري، بثينة شعبان وهدّدت الرئيس الأميركيّ باراك أوباما وحذّرتْه عبر قناة «CNN» بأنّ «دمشق قد تسقط الطّائرات الأميركيّة، لأنّها أتت من دون إذن واعتدت على سيادة سوريا»، واضطر أوباما من شدّة استفزازها له بالردّ عليها: «إذا فكر الأسد وأمر قوّاته بإطلاق النّار على الطّائرات الأميركيّة التي تدخل المجال الجويّ السوريّ، فسندمّر الدّفاعات الجويّة السوريّة عن آخرها، وسيكون هذا أسهل لقوّاتنا من ضرب مواقع داعش»!!
هذا نظامٌ «بلا حياء»، نظامٌ «كذوب»، والإعلام الذي يروّج لكَذِبه «أكذب» منه، و»الممانعة والمقاومة» التي يدّعيها هو وحلفائه «كذبٌ نازيٌّ ممنهج»، إذ لم يصدر عن هذا النّظام بالأمس حرفٌ واحد عن الاعتداء الإسرائيليّ على سيادته، واستمرّ «مستقتلاً» في محاولة إقناع المنطقة بأنّ التحالف الأميركي ـ العربي قصف «داعش» بالأمس بتنسيق وتعاون معه!!
يتجاهلُ «نظام بشّار» أنّ تدريب المعارضة السوريّة بدأَ بعد تأخّر دام ثلاث سنوات، وأنّه أخرج «داعش» من معتقلاته بالتّوافق مع نوري المالكي الذي أطلق «فِراراً» 1500 إرهابيّ وأُبْلِغوا مأمنهم في حلب والرقّة، لشنّ الحرب على الجيش السوريّ الحرّ لتنتزع منه الأراضي التي بسط سيطرته عليها، كان «الأسد القاتل» محتاج وبشدّة ـ تماماً مثل نوري المالكي ـ لاختراع تنظيم إرهابيّ حقيقيّ لإقناع العالم بأنهما يحاربان الإرهاب، وأنّ الحلّ الوحيد للقضاء على الإرهاب أمام العالم هو بقاؤهما في السّلطة، وقد ذهبت أحلام المالكي بكرسيّه أدراج الرياح، والعقبى لبشّار الأسد الذي لم نسمع تعليق نظامه الوقح على بدء تدريب الولايات المتحدة للجيش السوري الحر وموافقة البنتاغون الأميركيّ على تزويد المعارضة المعتدلة» بالسّلاح، ويا ليت إعلام حزب الله وصُحُفه يفسّرون لنا هذيْن الأمريْن المتزامنيْن: كيف تنسّق أميركا مع بشار الأسد في ضرب «داعش» وتدرّب في نفس الوقت الجيش السوري الحر لاستعادة المناطق التي كانت تحت سلطته من «داعش»؟! أم أنّ حزب الله سيذهب هذه المرّة ليبسط سيطرته على «الرقّة» أو على «دير الزور»؟!