أثار الموقف الذي اعلنه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عن ان الحياد اللبناني هو الكيان اللبناني وانه يخدم الجميع، ردات فعل من قبل عدد كبير من المسؤولين منها المؤيد ومنها المعارض والمنتقد، خصوصا من حيث توقيت هذا الطرح في ظل ما يتعرض له لبنان من ازمات مختلفة وضغوط دولية.
لدرس موضوع الحياد بشكل دقيق
وحول تفسير معنى الحياد ديبلوماسيا يؤكد السفير رياض طبارة ان موقفه من الموضوع ليس من باب انتقاد اي شخصية محددة، خصوصا البطريرك الماروني، ولكن المهم كما يرى طبارة هو تحديد معنى الحياد، لأن تطبيقه في لبنان غير ممكن كما هو الحال في سويسرا ، بإعتبار اننا نستفيد من مساعدت دولية مختلفة ، وفي حال توقفت هذه المساعدات فإن من شأن ذلك زيادة الصعوبات، خصوصا ان هناك بعض الدول تضع شروطا وضغوطا تتعلق بتوقيف دعمها للبنان في حال تعامله مع اعدائها.
نحتاج لدعم كل الدول الصديقة والشقيقة
من هنا فإن السفير طبارة يرى ضرورة درس موضوع الحياد بشكل دقيق، خصوصا ان لبنان يحتاج لكل المساعدات الخارجية من اينما اتت، ويعتبر ان طرح الموضوع في الوقت الراهن قد يورط لبنان بمشاكل اضافية هو في غنى عنه ، خصوصا ان دول الغرب تلوح بشكل مباشر بوقف مساعداتها اذا لجأنا الى ايران والصين، وبذلك نكون قد قمنا بإعلان عداوة للدول الغربية. ويشير طبارة الى انه في حال اعتماد لبنان سياسة الحياد، يجب ان يتم ذلك من قبل الجهتين الفاعليتين خارجيا، اي من خلال توافق اميركي-ايراني، او واميركي- روسي، او حتى اميركي -صيني. اما في الوقت الحاضر فإن ذلك يشكل صعوبة لنا وخصوصا ان لدينا حاجة لدعم كل الدول الصديقة والشقيقة.
علينا السير بين النقاط وإبقاء التواصل مع الجميع
ويعتبر السفير طبارة انه علينا التعامل مع الموضوع بمعالجة الخطوات بشكل تدريجي، خصوصا ان هناك عداوة كبيرة بين الولايات المتحدة الاميركية والصين بعد ان كانا على وشك الاتفاق المبدئي منذ اشهر قليلة، كذلك الامر بالنسبة للعلاقة بين اميركا وكل من روسيا وايران بطبيعة الحال. لذلك هناك صعوبة كما يرى طبارة باعتماد سياسة الحياد في مرحلة عدم التفاهم بين الدول الفاعلة في ظل صراع دولي كبير. مشدادا على وجوب السير بين النقاط، والتعاطي بحذر مع جميع الدول وابقاء قنوات التواصل مفتوحة معها من اجل مساعدتنا لتخطي الوضع الاقتصادي والمالي الصعب، وكذلك دراسة كل خطوة يجب القيام بها من اجلالحصول على اكبر دعم خارجي لاخراجنا من المازق الذي نحن فيه اليوم.
ويشير طبارة الى ان فكرة اتباع سياسة الحياد جيدة، ولكن طرحها اليوم غير مناسب وفي غير محلها، في ظل الشروط الموضوعة علينا حاليا، لا سيما مع استمرار مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي الذي نحتاج لمساعدته والذي ترعاه الولايات المتحدة الاميركية.
حنين
اما النائب السابق صلاح حنين فيتحدث دستورياً عن موضوع الحياد وتطبيقه معتبرا انه عندما تم وضع الميثاق الوطني كان هناك اشياء مكتوبة واخرى غير مكتوبة، كما ان هناك امورا تم الاتفاق عليها دخلت عليها تعديلات في العام 1943 ، ويشير الى ان من اهم الامور التي لم تكتب عند وضع الميثاق الوطني واتفقوا عليها ان» لا للشرق ولا للغرب»، وحينها قال جورج نقاش «نفيان لا يبنيان وطن»، ولهذا الامر معنى ايجابي، وهو اننا يجب ان نسير باتجاه الحياد، ومنع كل فريق الاصطفاف مع فريق او دولة معينة، ويذكّر حنين انه منذ العام 1943 اكدا المسيحي والمسلم ان «لا للشرق ولا للغرب» اي البقاء على الحياد، ويعتبر انه جرى طرح الموضوع بطريقة خجولة وغير مباشرة، لذلك كان يجب ان يكون الامر واضحا بالتأكيد انه» نعم للبنان البلد المحايد».
الحياد هو فعل ارادة من جميع الأطراف
ويعتبر حنين ان الحياد هو فعل ارادة من قبل جميع الاطراف اللبنانية، ويعطي مثلا سويسرا حيث تم الاتفاق بين المسؤولين السويسريين برفض التأثر بالدول المحيطة بهم، معلنين حيادهم بعد تجربة طويلة من الهزائم، ومؤكدين رفضهم للدخول باي صراعات. ويشير الى ان الاعلان عن الحياد يتم من خلال فعل ارادي وفرضه على دول العالم التي عليها قبول ذلك الاعلان الذي يأتي بناءً على الاتفاق داخلي ليصار الى الاعتراف بهذا المسار ، مشددا على ان الامر يحتاج الى جهد داخلي وخارجي.
الحياد لا يعني عدم الدفاع عن النفس
واعلن النائب السابق بضرورة عدم وجوب ان يكون هناك خلط بين موضوع الحياد والدفاع عن النفس، لان الحياد لا يعني عدم الدفاع عن النفس، ويعيد ليشير الى ان كل مواطن في سويسرا يخضع للتدريب العسكري ولديه القدرة على حمل السلاح والدفاع عن وطنه، لذلك فانه لا يجب ان يكون هناك التباس بين الحياد والدفاع عن النفس، اي انه في حال تعرض اي بلد محايد للاعتداء رغم عدم قانونية ذلك فعليه عدم الاستسلام بل الدفاع عن وطنه من خلال جيش وطني قوي ومدرب .
هناك إمكانية للعمل على فكرة اتباع سياسة الحياد مستقبلاً
ويرى حنين انه بسبب صعوبة وضع المنطقة، فان موضوع الحياد في لبنان يحتاج الى حوار واتفاق داخلي لكي نتمكن من تخطي صعوبة الوضع داخليا ، وان يتم التوافق على ان يكون للبنان صوت موحد في الامم المتحدة مطالب بوضعه على خارطة الحياد ، عندها يمكن الوصول الى نتيجة. ولكن يشير حنين انه وبسبب عدم توافق المكونات اللبنانية على هذا الموضوع فأن هناك صعوبة لطرحه كذلك الامر بالنسبة الى اعلان التحييّد بالقوة امر غير منطقي.
وختم بالاشارة الى ان هناك امكانية للعمل على فكرة اتباع سياسة الحياد مستقبلا بشكل جدي مع جميع المكونات الموجودة في البلد لكي يكون لديها فعل ايمان بلبنان حيادي، و يتخطى مشاكله ويتجاوزها للوصول الى مكان افضل، وكي لا يعود لبنان عرضة لكل انواع التدخلات والتاثيرات وغيرها.