IMLebanon

حوار الطاولة والثنائي فرصة للحفاظ على الإستقرار ولا معجزات سياسية

فرنسا لا تملك تفويضاً أميركياً للتأثير في الورقة اللبنانية وإنتخاب الرئيسفرنسا لا تملك تفويضاً أميركياً للتأثير في الورقة اللبنانية وإنتخاب الرئيس

حوار الطاولة والثنائي فرصة للحفاظ على الإستقرار ولا معجزات سياسية

الصحوة الأوروبية تجاه لبنان خلفياتها الخوف من زحف النازحين السوريّين إلى القارة العجوز ولا أي شيء آخر

هل للصحوة الأوروبية المفاجئة تجاه لبنان علاقة بالاستحقاق الرئاسي وعمل المؤسسات، أم هي حصراً بالنزوح السوري نتيجة الخوف الذي بات ينتاب القارة العجوز من الحجم الهائل من النازحين الذين يزحفون يومياً إلى أراضيها؟.

منذ يومين زارنا رئيس الحكومة البريطاني ديفيد كاميرون ونهاية الشهر الحالي وفور انتهاء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ينتظر لبنان زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند والذي ستكون لزيارته الأبعاد نفسها التي أحاطت بزيارة رئيس حكومة بريطانيا مع فارق ان الرئيس الفرنسي سيقارب الملف الرئاسي في لبنان بشكل جدي أكثر إلى جانب ملف النازحين الذي بات يُشكّل هاجساً قوياً ومخيفاً للأوروبيين جميعاً من دون استثناء.

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل حصلت فرنسا على تفويض أميركي بحل الأزمة الرئاسية في لبنان أم أن الدور الفرنسي سيقتصر على الاستكشاف واستمزاج الرأي وتداول الأفكار من دون أن يحمل أي تأثيرات جدية على هذا الاستحقاق؟.

حتى الساعة لا يبدو أن الفرنسيين قد حصلوا على هذا التفويض، وأن مسألة النازحين ربما كانت الدافع الأكبر وراء الزيارتين وما سيعقبهما من زيارات لموفدين آخرين، وأن الحديث في الموضوع الرئاسي سيكون من باب رفع العتب وإظهار الحرص الفرنسي على استقرار لبنان، وأن مسألة انتخاب الرئيس سيتم التعاطي معها على قاعدة «العين بصيرة واليد قصيرة»، لأن الفرنسيين وغير الفرنسيين يُدركون جيداً بأنه لم يحن بعد موعد ملء الفراغ الرئاسي وأن هذا الاستحقاق له عناصره وعوامله التي ما تزال معلقة على حبل الصراعات الموجودة في المنطقة، وبالتالي لن يكون لزيارة هولاند أي تأثير فعلي على مستوى الأزمة الرئاسية، وقد بدأت المؤشرات تظهر تباعاً والتي تؤكد هذه الفرضية، وقد ظهرت هذه المؤشرات بداية من الرابية حيث وعلى ذمة أوساط سياسية فإن الجنرال ميشال عون تريث في الإجابة على دعوة لزيارة فرنسا قبل مجيء رئيسها إلى لبنان، وقد برر جنرال الرابية هذا التريث أو الرفض خوفه من تكرار ما حصل معه في الدوحة قبل التفاهم على الرئيس ميشال سليمان كرئيس توافقي إذ ان الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي كان وقد وعده آنذاك بأنه إذا قبل بالتسوية التي تأتي بسليمان رئيساً للجمهورية بأنه سيكون في المراحل اللاحقة هو من يصنع الرؤساء في لبنان، وكانت النتيجة أن جاء سليمان رئيساً فيما الوعد الثاني لم يتحقق بل وضع عليه الفيتو الذي حال دون ملء الشغور الرئاسي منذ سنة وبضعة أشهر.

في هذا الإطار تؤكد الأوساط السياسية أن مجرّد الاهتمام الدولي بلبنان تجاه أي موضوع كان هو عمل إيجابي في هذه المرحلة، غير أن الوضع الراهن في لبنان نتيجة الظروف التي يعيشها، ونتيجة الأزمات التي تعصف في المنطقة يتطلب زيارات دولية ذا انتاجية على كافة المستويات لا أن تقتصر على الإطار البروتوكولي، وعلى ما يبدو فإن المناخات التي يجب توافرها لتكون الزيارات الدولية إلى لبنان محملة بالحلول والدعم لم تنضج بعد نتيجة حالة البعثرة التي تعيشها المنطقة والتي هي أقرب إلى لعبة «البازل» غير المكتملة حيث كل مربع فيها في مكان.

وما من شك فإن التئام الجمعية العمومية للأمم المتحدة ومشاركة لبنان فيها بوفد يرأسه الرئيس تمام سلام ستكون فرصة لكي يثير رئيس الحكومة مع الأطراف الدولية والإقليمية المشاركة في أعمال هذه الجمعية الوضع اللبناني من مختلف زوياه من الرئاسة مروراً بعمل الحكومة وصولاً إلى ملف النازحين وارتدادات الأزمة السورية على لبنان والتهديد الارهابي للبنان، من دون أن يكون هناك أية ضمانات بإمكانية أن يلقى الصراع اللبناني في أروقة الأمم المتحدة الصدى لدى دول القرار التي هي حتى الآن منشغلة بملفات أخرى في المنطقة تعتبرها أكثر أهمية من الملف اللبناني، وهو ما يعني أن الوضع اللبناني لن يشهد في وقت قريب أي متغيرات جوهرية على أي مستوى لا سيما على المستوى الرئاسي.

من هنا فإن الأوساط السياسية تنصح بضرورة تحصين الوضع الداخلي وعلى وجه الخصوص من الناحية الأمنية كون أن أي تغيير يطرأ على المشهد اللبناني على هذا المستوى سيكون له عواقب وخيمة على مجمل الوضع اللبناني في ظل حالة اللااستقرار التي يشهدها لبنان على المستويات السياسية والاقتصادية، وفي ظل الانشغال الإقليمي والدولي بقضايا أخرى خارج نطاق حدوده.

ومن هنا فإن الأوساط السياسية ترى في الحوارين القائمين في عين التينة بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» وفي ساحة النجمة بين مختلف الأطياف السياسية فرصة للحفاظ على الاستقرار المطلوب وإن كان من غير المأمول أن يحققا معجزات على مستوى حل الملفات والاستحقاقات المختلف عليها.