Site icon IMLebanon

طاولة فيينا: التفاوض على الأسد وليس معه

للمرة الأولى ستشارك إيران، الحليف المزمن لنظام بشار الأسد، يوم الجمعة المقبل في طاولة مفاوضات دولية تسعى الى رسم مستقبل سوريا. وقد تشكل هذه المشاركة أول نجاح للديبلوماسية الروسية وتأتي في أعقاب عجزها بعد نحو شهر من القصف الجوي المكثف للمعارضين «إرهابيين» و»معتدلين» عن تحقيق تغير نوعي في ميزان القوى الميداني.

فرغم الجهود الروسية السابقة استبعدت إيران منذ عام 2012 عن مؤتمر «جنيف-1». ورغم دعوة أولية الى مؤتمر «جنيف-2» عام 2014، عاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون واستبعدها بسبب تصلب المشاركين المناهضين للأسد في رفض حضورها باعتبارها «جزءاً من المشكلة ولا يمكن أن تكون جزءاً من الحل».

فروسيا وبعد تورطها العسكري المباشر في سوريا، باتت وفق متابع لبناني مخضرم، محشورة بين مطرقة القصف الجوي وسندان الديبلوماسية. وتظهر وتيرة اجتماعات فيينا، التي تعقد غداً الجمعة ثاني اجتماعاتها، مدى الاستعجال الروسي للتوصل الى حل سياسي خشية الاستغراق في العمل العسكري بدون نتائج عملية إضافة الى أن نجاحها منفردة، وهو المستبعد، يضعها أمام معضلة تمويل إعادة الإعمار وهي التي ترزح تحت وطاة عقوبات دفعت باقتصادها الى أدنى مستوياته.

وفي المقابل لا تبدو الأطراف الأخرى، غربية كانت أو عربية، على الدرجة نفسها من الاستعجال فهي لا تخسر شيئاً إن نجحت روسيا في تركيب حل سياسي بل وتستفيد، وإذا لم تنجح فهي ستغرق حتماً في الوحول السورية بما يفتح الباب على تجربة تشبه تجربة دعمها لنجيب الله في أفغانستان والتي مهدت الطريق لانهيار الاتحاد السوفياتي.

أما الغائب الأكبر عن اجتماعات فيينا فهو النظام السوري، الذي سبق لممثليه أن شاركوا سواء في اجتماعات جنيف أو موسكو، لأن التفاوض سيكون على بشار الأسد عبر الأوصياء عليه. 

ويستنتج مراقب لبناني مقيم في الخارج، أمضى بضعة أيام متنقلاً بين الحدود التركية والحدود الأردنية مع سوريا حيث تتمركز الفصائل المعارضة وحيث للأميركيين قواعد مراقبة، أن الروس رغم كثافة حركتهم العسكرية والديبلوماسية لم يحققوا على الأرض تقدماً ملموساً يسمح لهم بتثمين مبادرتهم. فمن الواضح أن قصف المقاتلات الروسية عشوائي وتنقصه معلومات عن مواقع المستهدفين. وقد سبق لها أن طلبت من الأميركيين تزويدها بإحداثياتهم، لكنهم تلكأوا. فالولايات المتحدة تراقب الوضع ولا تعطي معلومات عن المواقع وتتعامل بحذر بانتظار أن يبلور الروسي مفهومه للحل السياسي ولمصير الأسد والتركيبة البديلة. وينقل المصدر عن مراقبين التقاهم أن نجاح روسيا يستلزم إنزالها ما بين 20 و30 ألف جندي على الأرض السورية وهو ما لا تريده، لكن القصف الجوي مهما طال لن يكون كافياً بالاستناد الى فشل غارات التحالف الدولي الذي تقوده أميركا.

ويلفت المتابع اللبناني المخضرم الى أن درجة الاستعجال الروسي تتبدى في وتيرة اجتماعات فيينا وفي كثافة الاتصالات التي يجريها فلاديمير بوتين بالقادة العرب للتوصل الى مخرج سياسي. ويُضاف الى ذلك تغير الموقف الروسي من المعارضة المعتدلة وفي مقدمها الجيش السوري الحر. فمن وصف وزير خارجيتها سيرغي لافروف مع بداية العمليات العسكرية هذا المكون أنه «وهمي» الى عرضها أخيراً تغطية قتاله لـ«داعش» بضربات جوية وهو ما ترفضه حتى الآن المعارضة في مؤشر إضافي على عدم استعجال الغرب والعرب.

ويلفت المصدر الى أن المتضررين فعلياً من المبادرة الروسية هما إيران وتركيا. إيران التي تعوض عن تدهور أهمية دورها بالترويج زوراً أنها هي من تقف وراء الروس، وتركيا لأن ما يجري يقلل من أهمية تلويحها بدعم متزايد للمعارضة وبتكثيف موجات اللجوء الى أوروبا كأوراق ضغط لنيل منطقة آمنة تقيها شر نجاح الأكراد في إقامة شريط حدودي على تخومها.