القانون الإنتخابي»الغريب العجيب» جعل الطاشناق مربكا في خياراته وتحالفاته مثل سائر القوى السياسية، فهو لم يكن قادرا على الابتعاد وفك علاقته بقوى حليفة له وأصدقاء، وفي الوقت نفسه ليس قادرا على خسارة نواب في دورة انتخابات ٢٠٢٢ ،وعديد كتلته ضيق جدا يتوزع بين بيروت والمتن والبقاع.
من هنا تقول مصادر سياسية، ان الطاشناق أنجز تحالفات» أفضل الممكن»، محافظا على صلة الوصل مع تلك القوى، فتحالف مع التيار الوطني الحر «عالقطعة» في بيروت الأولى وزحلة، وافترق عنه في دائرة المتن الشمالي، التحالف الأخير في المتن مع ميشال الياس المر فرضته الحسابات الانتخابية الضيقة بين «التيار» الذي هو غير قادر على تأمين أكثر من حاصلين للائحته المتنية، وحسابات الطاشناق الرقمية ايضا أخذته باتجاه المر وفرضت إحياء العلاقة معهم .
لا يوجد خلفيات او دوافع لقرار التحالف مع التيار في عدد من الدوائر والتنافس في أخرى، الا الحسابات الانتخابية، تقول المصادر ، فالحزب الأرمني المتجذر في السياسة ليس متخاصما مع أحد، وعلاقته جيدة مع قوى ٨ آذار ومع أطراف سياسية من المحور السيادي المقابل، المسألة فقط تتعلق بالقانون النسبي ولعبة الأصوات التفضيلية، والأرقام التي جعلت كل فريق يخوض الاستحقاق وفق مصلحته الإنتخابية، على غرار القوى السياسية التي تخالفت في مناطق وتخاصمت في أخرى.
في دائرة المتن الشمالي تنافس بين الطاشناق والتيار، بعدما سدّت السبل في طريق ارساء التحالف، فالطاشناق ذهب الى التحالف مع عائلة المر من منطلق العلاقة المتينة بين النائب الراحل ميشال المر وأرمن المتن، وايضا بسبب ظروف المعركة التي حتمت التنافس على لائحتين مواجهتين، وهذا الخيار الذي لم يرده الطاشناق ولا النائب جبران باسيل لكنه فرض نفسه متنيا، حيث يخوض التيار معركة خاطئة استراتيجياً على المقعد الكاثوليكي ضد «القوات» ، بينما من مصلحته الحفاظ على المقعد الماروني للنائب ابراهيم كنعان والاورثوذوكسي للنائب الياس ابو صعب، فيما سيحاول الطاشناق ان ينقذ مرشحه الأمين العام هاغوب بقرادونيان بعدما تأكد للطرفين (التيار والطاشناق) ان الشراكة متنيا لا تكسب في الصناديق .
التحالف بين الطاشناق والتيار كانت حظوظه أكبر في بيروت الأولى وزحلة، علما ان الطاشناق كان قد قرر بداية المعركة ان يعمم الشمولية على كل تحالفاته، فأراد تشكيل لائحتي زحلة وبيروت الأولى من دون التيار، انطلاقا من مبدأ شمولية التحالفات في كل الدوائر، لكن الموضوع تعثر بفعل مقتضيات المعركة.
التحالف الذي قام اليوم بين التيار والطاشناق هو أفضل السيناريوات المتاحة، فالافتراق متنيا كان محتمل بسبب الحشرة بالقانون النسبي والصوت التفضيلي للطاشناق، وكونه محاصر بأربعة مقاعد في بيروت، فضلا عن مشاكل الحزب بتقلص عدد الناخبين بسبب الهجرة الأرمنية نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي، مما سيترك اثرا واضحا يوم ١٥ أيار.
وزع الطاشناق تحالفاته على الشكل التالي: النائب هاغوب بقرادوني ضمن لائحة «معا أقوى» التي تضم ميشال المر ومرشح «القومي» انطوان خليل، وفي زحلة رشح وزير الصناعة جورج باشكيان مع التيار وحزب الله، وفي بيروت الأولى ألكسندر ماطوسيان وهاغوب ترزيان بالتحالف مع التيار وشخصيات مستقلة، وبذلك حفظ العلاقة مع التيار، على الرغم من التنافس وضراوة معركة المتن، وعلى الرغم ايضا من التمايز مع التيار في ملفات سياسية كثيرة ظهرت في الأشهر الأخيرة، ومع ذلك يسجل ان الطاشناق لم يذهب في اتجاه «القوى التغييرية»، بل بقي مثل الأحزاب اللبنانية محافظا على ثوابته السياسية مع الاحتفاظ بهامش خاص له للمعارضة والاستقلالية والحيثية الخاصة.