مما لا شك فيه أن تجميد الرئيس سعد الحريري ومعه تيار “المستقبل” مشاركته في العمل السياسي، خلق حالة إرباك وضياعا داخل الشارع السنّي، كون “التيار الأزرق” هو الأكبر على الساحة السنّية، وله حضوره في كافة المدن والبلدات السنّية على امتداد البلد، ولم تقتصر تردّدات هذا القرار على الشارع السنّي، إنما أرخت بظلّها أيضاً على أداء المعارضة التي خسرت قوة أساسية مؤثرة على الساحة اللبنانية.
وعلى هذه الخلفية، سألت “الديار” مدير “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية” في طرابلس النائب طه ناجي عن الواقع السنّي الضائع والمشتّت اليوم، فأجاب: “لبنان كله، كما نرى ونعلم أنه مأزوم، والأزمات فيه متعدّدة، وأهل السنّة والجماعة جزء من هذا الوطن، فلا بد أن يلحق بهم جزء من هذه الأزمات، أما إذا نظرنا الى الواقع النيابي والسياسي، فإننا نرى أن شرائح واسعة من الطائفة ممثلة اليوم، مع أن غياب تيار المستقبل تركَ أثراً في الواقع السنّي، نعم لا شك أنه ليس هناك وحدة رؤيا أو تصوّر مشترك بين النواب الـ 27 لمعالجة الواقع المأزوم في البلد، لكن بالإمكان التلاقي، وهذا ما بدأ يحصل على الأسس التي تضمن الموقع الوطني للطائفة، والمحافظة على دورها الكبير في التوازن الداخلي”.
وعمن يتحمّل مسؤولية وصول الطائفة إلى هذا الوضع، أشار إلى “وجود أخطاء ارتُكبت في المراحل السابقة، ونحن يومها لم نكن في موقع المسؤولية الرسمية، لكنني أقول نحن اليوم لسنا بصدد تقاذف المسؤوليات، لأن ما يمرّ به الوطن يحتاج الى موقف عاقل يتلاقى فيه الجميع لحفظ الطائفة، وتوحيد جهودها لخيرها وخير البلد، والوقت ليس للبكاء على الأطلال ولا لممارسة النكايات والكيد السياسي، بل هذا وقت إعطاء جرعة أمل للمواطنين لا تيئيسهم ولا لزيادة العوائق أمامهم، وقت العمل لانتشال الطائفة والوطن من الأزمات، وهذا يحتاج منا جميعاً إلى تلاقي الإرادات الطيبة، وبذل كل الجهد للخروج من النفق المظلم، ووضع البلد برمّته على سكة الحلول في الرئاسة والسياسة والمال والإقتصاد والإدارة ومكافحة الفساد بكل صوره وأشكاله”.
وحول مبادرة المفتي عبد اللطيف دريان لتقريب وجهات النظر بين السنّة، قال: “نعم كانت هناك مبادرة من صاحب السماحة، وجرت مشاورات وحصل لقاء، لكن ظروف نجاحها وقتها لم تكتمل”.
أما عن دور للمملكة في هذا الإطار، أكد ناجي، أن “المملكة العربية السعودية دولة عربية محورية ومركزية في القرار العربي، وقوة إقليمية ذات ثقل كبير في الإقليم، ولا شك أن لها دوراً في لبنان، ونحن لمسنا من خلال لقاءاتنا بسفير المملكة في لبنان وليد البخاري، ومن خلال مواقف المملكة المعلنة على لسان مسؤوليها، أنها تريد الدفع باتجاه الحلول التي تحفظ لبنان، ورأيناها مستعدة لكل أنواع الدعم للدولة اللبنانية، لكن بشرط مكافحة الهدر وجميع أنواع الفساد المالي وغيره في الإداراة العامة وعلى جميع الأصعدة”.
وعن تموضعه السياسي، قال:” تسألني أين أتموضع مع الموالاة أم المعارضة، وأنا أسألك هل هذا التصنيف موجود في لبنان اليوم؟ هذا موجود في الدول الغربية، أما في لبنان فهناك وزراء في الحكومة معارضون، وهناك مَن هم خارج الحكومة يقولون نحن المعارضة، والواقع أن معادلة الموالاة والمعارضة في لبنان نسبية، ولا تتطابق مع مفهومها العام”.
وبالنسبة لدعوة الرئيس نبيه بري الحوارية، تابع: “موقفنا واضح كعادتنا، فنحن كنا دائماً من دعاة التلاقي والتشاور والتوافق، لأن السؤال الذي يُطرح، ما هو البديل عن ذلك ؟؟ أليس إطالة أمد الأزمة وزيادة أثقالها على اللبنانيين”.
وعما إذا كانت الزحمة الديبلوماسية إلى لبنان توحي بإيجابيات في الملف الرئاسي، رأى ناجي، أن “الأجواء في الإقليم إيجابية وحركة الموفدين والأجواء المحيطة بها، تدلّ على الإنتقال من وضع المراوحة والإنتظار إلى مربع المبادرة إلى عمل جدّي يعالج أزمة الرئاسة، لكن علينا أن ننتظر قليلاً حتى لا نغرق في موجة تفاؤل لا تكون واقعية، لنرى ما سيجري من لقاءات في قمة “العشرين”، ثم وصول الموفدين إلى لبنان، ولنتطلع مع الأمل أن نكون قد اقتربنا إلى نقطة بداية الحلول لأزمات البلد”.