بالامس لوّحت قوى سياسية واستخباراتية في رسائل مبطّنة بطرح موضوعَي المناصفة والمداورة في وظائف الفئة الاولى ردا على مطالب العماد ميشال عون باستعادة حقوق المسيحيين في السلطة، وصلاحيات موقع الرئاسة الاولى الذي فقَدَ دوره في اتفاق الطائف. وفي الرسائل، شكلاً ومضموناً، ما يفيد عون ويصب في مصلحته مسيحيا، اذ ان مواجهته لا تتم بتخويف المسيحيين جميعا والتلويح لهم بالعصا الغليظة، مما يدفعهم الى اعادة تبني مطلب الفيديرالية كخيار بديل لعيش مستحيل مع الآخر المصرّ على التعامل معهم كأهل ذمة.
لكن على المسيحيين في المقابل عدم الانجراف في تيارات انتحارية، خصوصا في ظل الظروف السائدة في المنطقة العربية بأكملها، ولا سيّما ان شركاءهم في الوطن لا يملكون ايضا هامشاً واسعاً من الحركة الداخلية بمعزل عن القوى الاقليمية المتصارعة.
واذا كانت مطالب المسيحيين تواجَه في كل مرة بالتهديد والوعيد، فان الافضل لهم عدم مجاراة الاخرين في الذهاب الى مؤتمر تأسيسي او ما شابه لنيل حقوق او المضي في تغييرات غير مضمونة، بل تبني القول المأثور “عصفور باليد ولا عشرة على الشجرة”، وبالتالي العودة للمطالبة بتنفيذ اتفاق الطائف بما هو دستور للبلاد، وعدم تنفيذه يعتبر مخالفة دستورية يعاقب عليها القانون.
واذا كنت استشهدت بأبي الطائف الرئيس حسين الحسيني الثلثاء متحدثا عن العوائق التي حالت دون تطبيق الاتفاق، فإني اعود اليه لعرض واقع صلاحيات رئاسة الجمهورية والتي لا تنتقص من الموقع والدور كما يصور غالباً، شرط ان يكون الرئيس “رجّال”.
يعرض الحسيني لسلسلة تدابير يمكن الرئيس أن يمارسها حفاظاً على الدستور. فقد كان في امكانه عندما لجأ مجلس النواب إلى التمديد لنفسه، أن يمنعه من الإجتماع لمدة شهر بناء على المادة 59 من الدستور، وأن يردّ القانون في حال إصرار المجلس عليه، لكن ذلك لم يحصل، بل إن رئيس الجمهورية السابق وقّع القانون وطعن به أمام المجلس الدستوري الذي تتقاسمه الأطراف السياسية. وبالنسبة الى أي مشروع قانون مقدم من الحكومة إلى مجلس النواب، للرئيس مهلة 15 يوماً يستطيع في خلالها أن يرد القرار ويرسل كتابا إلى مجلس النواب بأن يتحمل مسؤولية قرار الحكومة، وفي حين تتطلب الموافقة على مشروع القانون أكثرية ثلثي المجلس ترتفع في حال ردّ الرئيس له إلى أكثرية ثلاثة أرباع المجلس. ونتيجة لذلك يصبح من الصعب على أي مجلس نواب أن يبدو في مواجهة مع رئيس الجمهورية لمرتين متتاليتين.
ويشدد الحسيني على أن الطائف وضع رئيس الجمهورية في مرتبة الضامن لوحدة الوطن وفوق السلطات والنزاعات، اي انه صار في مرتبة ارفع، فلا يحاسَب، بل يحاسِب، لعل هذه القراءة من خبير، تجَعل اعادة النظر في الموضوع مشروعة، وتحوّل المطالبات من بحث عن مجهول الى تمسّك بالدستور؟