Site icon IMLebanon

«الطائف» ماله وما عليه.. وكيف يقرأه حسين الحسيني؟!  

 

قد يكون من أبرز ما أظهرته الى العلن، أزمة تأليف الحكومة العتيدة، هو دعوة البعض لاستحضار «اتفاق الطائف» على خلفية ان هذا «الاتفاق»، لم يطبق بكامله، وما طبق منه كان انحيازاً لفريق ضد فريق آخر يشعر بأنه «مواطن من الدرجة الثانية»، ناهيك بسلب صلاحيات رئيس الجمهورية وتحويلها الى مجلس الوزراء مجتمعاً؟!

 

في قناعة متابعين لهذا «الاتفاق» من أوله الى آخره، وكانوا يرون فيه «مشروعا لمستقبل لبنان وان الطائفية والمذهبية سقطتا بمجرد تبني الافرقاء اللبنانيين له.. «ان لبنان لايزال كومة رمال وحصى» على ما قال وزير الخارجية السابق، المرحوم فؤاد بطرس.. و»ان اللبنانيين لايزالون يبحثون عن المادة التي تجمعهم ليصبح في مقدورهم ان يبنوا من الرمل والحصى كياناً ودولة..»؟!

يتفق عديدون على ان «اتفاق الطائف» تعرض منذ توقيعه في 30 ايلول من العام 1989 لعدة ضربات موجعة وقاسية، أدت الي المزيد من الأسئلة والتساؤلات من أبرزها، هل اللبنانيون قادرون على الخروج من كانتونات الطوائف والمذاهب والعشائر الى المواطنة الحقيقية التي تساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات؟ أم ان أبواب الحروب الداخلية ماتزال مفتوحة وقد دفع فيها لبنان، منذ القرن التاسع عشر، وحتى الأمس القريب عشرات آلاف، بل مئات آلاف الضحايا، عدا الاضرار التي أصابت الممتلكات والسمعة..

يرى رئيس مجلس النواب السابق، حسين الحسيني، الذي كان أحد أبرز صانعي الاتفاق «ان هناك خطأ شائعا يقول إننا ذهبنا الى الطائف وبقينا هناك 23 يوماً، حيث قمنا بصياغة وثيقة الوفاق الوطني في الطائف، وعند ذلك بات من الواجب ان نعرف ماذا حدث هناك لكي نقرر ما اذا كان هذا الاتفاق جيداً أم لا؟ وهذا خطأ شائع، لأن الامر الحقيقي هو ان اتفاق الطائف تم العمل عليه في لبنان وليس في الطائف.. «اتفاق الطائف أنجز في لبنان.. وبسبب الخلاف المزمن بين اللبنانيين على الهوية الوطنية وعلى الانتماء العربي، لم تتوضح طبيعة نظام الحكم في لبنان كما لم يتمكن الافرقاء اللبنانيون من تحديد «الهوية الوطنية» وعبارة لبنان «وطن نهائي» ذكرت أول مرة في ورقة عمل اسلامية (شيعية) للمجلس الاسلامي الأعلى في 11-5- 1977.

يتردد في العديد من الاوساط السياسية، ان اتفاق الطائف سلب رئيس الجمهورية صلاحياته.. وفي هذا يرد الرئيس الحسيني نافيا، ولافتا الى «ان العكس هو الصحيح.. فالصلاحيات التي كانت مع رئيس الجمهورية منذ العام 1926، الى ان وضع الطائف لم يتمكن من تطبيقها ولا مرة.. وهي بالتحديد أمران، ففي دستور ما قبل الطائف كانت السلطة الاجرائية تناط برئيس الجمهورية، وهو يتولاها بمعاونة الوزراء.. يعني ان الوزراء هم مجرد معاونين وليسوا وزراء، وهنا نكون في شبه نظام رئاسي.. وعندما اتينا لنقرر في الطائف ان نظام لبنان جمهوري – ديموقراطي – برلماني لم نجد نظاماً جمهوريا ديموقراطيا برلمانياً فيه صلاحيات كهذه لرئيس الجمهورية؟!.. لذلك قلنا في الطائف، وفي الاصلاحات السياسية، ان رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورئيس كل السلطات، وبالتالي هو رمز وحدة الوطن، وهو وحده الذي يقسم يمينا، وهو الذي يسهر على تطبيق الدستور.. ومن حقه ساعة يشاء ان يرأس جلسة مجلس الوزراء ليكون المراقب لعمل الحكومة، وبذلك لا يسمح للحكومة بأن تخرق الدستور وان تسيء الى المعارضة..

يؤكد الرئيس الحسيني، ان النظام في لبنان قائم على وجوب ان تنحصر المعركة السياسية في مجلس النواب، وهناك خطا دفاع، الاول منهما هو الحكومة، والثاني هو رئيس الجمهورية.. يمكن ان تسقط حكومة فيتم تأليف غيرها، لكن يبقى رئيس الجمهورية المناط به الحفاظ على النظام وعلى استمرارية الكيان، بمنأى عن مشاكل الحكومة والمعارضة.. ومن خلال ذلك يتولد «المركز السامي لرئيس الجمهورية.. فضلاً عن أن رئيس الجمهورية، بالنسبة لمجلس النواب، أي قانون يخرج من دون صدوره ونشره من قبل رئيس الجمهورية فحقه الدستوري والمطلق، من دون أية مناقشة ان يرد أي قانون الى مجلس النواب، وفي حل حصل ذلك، يمكن لمجلس النواب ان يؤكد القانون، غير ان اقراره يحتاج عندئذ الأكثرية المطلقة (النصف زائد واحد).

لا يرى الرئيس الحسيني ان هناك حالياً بديلاً أفضل من الطائف، على رغم الفشل في انجاز القوانين التطبيقية.. وهو يحمل اللبنانيين المسؤولية في ذلك، خصوصاً وان الصيغة اللبنانية «ليست صيغة شرعية ثورية.. بل شرعية دستورية ولا يستطيع أحد ان يغلب أحداً آخر.. والطائف نتاج قناعة بأن أحداً لا يستطيع ان يلغي أحداً لأن التكوين اللبناني قائم على مبدأ أنه «لا توجد طائفة من الطوائف اللبنانية تستطيع ان تحمي نفسها بنفسها.. وكل طائفة يجب ان تحمي الآخرين وتحتمي بهم.. وأي فريق يمكنه ان يدعي بأنه قادر على الانتصار بقوة السلاح، لكننا جربناها وأدت الى عشرات الآف القتلى.. ولم ينتصر أحد على أحد او يفرض نظامه ورؤاه..؟! (يتبع)