في الذكرى الخامسة والعشرين لولادة اتفاق الطائف، لا يزال لبنان الوطن النهائي لمواطنيه، بدولته ومؤسساته، أسير الانقسامات العامودية السياسية والمصالح المذهبية والفئوية الضيّقة، في وقت يستمر سيف الانفلات الأمني مسلطاً على رقاب اللبنانيين من دون أن يتحرّك، حتى الساعة، واضعاً تركيبة الوطن برمتها على حافة الانزلاق نحو الهاوية مجدداً.
خمسة وعشرون عاماً مضت… ولا يزال لبنان بحاجة لمظلة خارجية تبارك حلوله «التوافقية» للخروج من الأزمات، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، ووصولاً إلى التمديد لمجلس النواب، بكل ما يحمل من قضايا خلافية حول ميثاقيته، لناحية معارضة النواب المسيحيين من جهة، أو لناحية المعارضة الشعبية، والتي أعطت وكالة للنواب باتت حقاً مكتسباً، يفرضون تمديد ولايتها، من دون ان يتم استثمارها بالشكل الصحيح، أي أن يقرن التمديد بالتوافق على إتمام انتخاب رئيس للجمهورية ضمن مهلة معينة!
من هنا، يتساءل المواطن عن الخلل الحقيقي في هذه التركيبة الفريدة التي تسمى لبنان… وما السبيل للخروج من دوّامة الفراغ حتى لا تتحوّل الدولة إلى فاشلة أمام المجتمع الدولي؟
بداية، لا بدّ من الانطلاق من فرضية أن لا نص الطائف ولا غيره من نصوص واتفاقيات هي منزلة، بل لا بدّ انها تحتوي على العديد من الثغرات ولا بدّ من النقاش الجدّي والرزين لإجراء التعديلات حسبما تقتضي الحاجة الوطنية… وللوصول إلى هذه الدرجة من النضج السياسي، يجب توفير الحد الأدنى من قنوات الحوار المفتوحة بين الشركاء في الوطن، والنقد الموضوعي لتجربة الطائف، والتي لم تطبق كما نص الاتفاق، وبالتالي يكون الحكم عليها ناقصاً ومن غير فائدة للتجارب المقبلة! لذلك سوف يكون الدخول في نفق المؤتمر التأسيسي وتعديل الدستور، مع الطبقة السياسية الحالية وهي خلف متاريسها، ضرب من الانتحار… خاصة بعدما أثبتت التجربة، وكما أعلن الوزير السابق ادمون رزق «إنه لا نية لتطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً»، وبالتالي تم تشويه هذا الاتفاق وقولبته على مقاسات الأقوى… وبقى السلاح غير الشرعي العقدة الأكبر والأخطر والتي سحبت خلفها مواضيع خلافية عديدة، عرفت بداياتها وتبقى نهاياتها مجهولة!
بين نوايا الخارج وأفعال الداخل، يبقى الوطن ككل، وليس الطائف وحده، معلقاً بين إرادة التعايش والتوافق لتمرير المرحلة الصعبة بأقل ضرر ممكن… وواقع نفق الانقسام الطويل… والمظلم!
فعلامَ نُحاسب… النوايا أم الأفعال؟