IMLebanon

«الطائف» مات.. فلننقذ الوطن

الشيء الوحيد المتفق عليه في «طاولة الحوار» هو انهم جميعاً ضد الخروج عن اتفاق الطائف. الكل يقسم اليمين انه متمسك بالطائف وبكل بنوده وحتى يؤكدون ذلك، ذهبوا مجدداً إلى التفتيش عما لم ينفذ منه، باتجاه اثبات تمسكهم به وتحول الأمر من سلة متكاملة ثلاثية الاضلاع، إلى ابتكار سلة جديدة، مجلس شيوخ متلازم مع مجلس النواب، اللامركزية الإدارية وانتخاب رئيس.

مرة جديدة، يذهب الجميع إلى لعبة كسب الوقت.

وحتى لا تكون كل القوى الديموقراطية والوطنية، جزءاً من هذه اللعبة ولو خارج إرادتها، علينا التكلم بوضوح وصراحة. عند الأزمات التاريخية، لا تنفع الأفكار الملتبسة وغير الواضحة.

ماذا نريد وما هو برأينا السبيل للحفاظ على الوطن وتجاوز أزمته؟

نعم أزمة الوطن، لأن تراكم الأزمات السياسية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، واستمرار التهديد الصهيوني واحتمالات تجدد فعله وكذلك الخطر الارهابي وفعله المساعد.. كل ذلك يجعل من الوضع، أزمة وطنية بامتياز.

«طاولة الحوار» هي خيار قوى النظام للحفاظ على النظام الطائفي وقاسمهم المشترك هو الاتفاق على تفسير واحد لاتفاق الطائف وبالتالي، استيلاد أرانب الحل من جيب الطائف.. هم يعرفون ماذا يريدون ويختلفون على كيفية الوصول إلى ما يريدون.

علينا نحن إذن، التأكيد على ما نريد وكيفية الوصول إليه.

ماذا نريد، التغيير الديموقراطي طبعاً للنظام وبناء الدولة العلمانية الديموقراطية المقاومة، دولة العدالة الاجتماعية. والشعارات التي نطرحها ليست سجناً لنا بل هي أدوات للخروج من المأزق والسجن.

إذاً ما نريده، هو نقيض النظام الطائفي، بما هو نظام تبعية للخارج، نظام محاصصة ونظام فساد، وبهذا الاتجاه يجب الخروج من مرض الخجل باعلان موقف واضح من اتفاق الطائف وبالتالي من دستور الطائف…

هذا الاتفاق، كان عنواناً للتبعية للخارج، فأتى في ظل تقاطع أقليمي ودولي، سوري ـ سعودي ـ أميركي، على قاعدة الموقف المشترك لهذه القوى من معركة الخليج ومن احتلال الكويت. وبالتالي مضمونه الحقيقي انتهى منذ العام 2000 مع انفراط عقد هذا اللقاء الاقليمي، ومع العدوان الأميركي على العراق. وأتى اغتيال الرئيس الحريري ليشكل، كونه كان الرمز الأكبر للأتفاق على المستوى الداخلي، ليشكل إعلاناً عن موت هذا الاتفاق وبداية أزمة مفتوحة أو حرب أهلية جديدة ولو مقنّعة في لبنان، تعمّقت وأصبحت واقعاً مثبتاً مع وصول الهجمة الاميركية ـ الصهيونية ـ الخليجية إلى داخل سوريا. وفي هذا الاطار ألم يكن القرار الدولي المشؤوم 1559 إعلاناً عن خيار دولي جديد يلغي الطائف؟

إن اعلان قوى النظام الطائفي، التمسك باتفاق الطائف، هو إعلان طبيعي لقوى تريد المحافظة على نظامها وفسادها وسيطرتها الطبقية عبر تكريس الطائفية والمذهبية التي يؤمن اتفاق الطائف شروطها بأبشع الصور.

أما ما هو غير مفهوم، هو تمسك بعض القوى التي تقول بالتغيير بهذا الاتفاق تحت شعار «تنفيذ كامل بنوده». فهذا الاتفاق بالمجمل أمّن شرطين الأول استمرار النظام الطائفي بل تعميقه أكثر بالاتجاه المذهبي بكل ما يعنيه التمسك بهذا الاتفاق، والثاني ربط لبنان بالكامل بما يتم التخطيط له على المستوى الاقليمي.

إنه، اتفاق أمّن شروط التبعية للخارج وأمّن شروط الفساد والمحاصصة، والقمع الاجتماعي للفئات الشعبية وسرقة حقوقها، بما في ذلك استكمال النهب والمحاصصة عبر تغييب سياسة وطنية واضحة للاستفادة من الثروة الطبيعية، الغاز والنفط، على الساحل اللبناني وضرب حقوق العمال والأجراء والمعلمين وسواهم من الفئات اللبنانية.

إن قوى التغيير مدعوة اليوم، لإعلان رفضها التجديد للنظام الطائفي تحت شعار التمسك بالطائف.

الطائف مات والمطلوب هو بناء الدولة الديموقراطية، عبر مؤتمر وطني للانقاذ وهيئة تأسيسية لصياغة دستور جديد لدولة علمانية ديموقراطية، تنطلق من كون اتفاق الطائف المشؤوم، مات إلى غير رجعة واستمرار المراوحة في الأزمة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، الأزمة الوطنية، يضع وطننا في مهب الريح.

(&) الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني