Site icon IMLebanon

الطائف ” المشبوه الأول “!

ما دامت اللحظة اللبنانية الحالية تفتح الباب على استطلاع “مسيحي” يُراد له ان يخرج جمل الفراغ الرئاسي من خرم إبرة العينات المستطلعة لا نرى ضيراً في الإفادة من هذا “المزاج” الديموقراطي لنطل على مسألة اخرى غالباً ما أدت وتؤدي الى تعطيل الدولة ودائماً تحت مسميات ديموقراطية. انها الحكاية القديمة – الجديدة للميثاقية التي منذ جرى الاجتهاد الواسع جداً والفضفاض لاقحامها في كل مفاصل الحكم والسلطات قاطبة وآلياتها، بنصوص مكتوبة او بأعراف طارئة، راح لبنان ينزلق نحو شيء آخر لا نزال نطلق عليه تسمية نظام لأننا لم نعثر على الوصف الموضوعي لطبيعته الهجينة.

نقول ذلك عشية جلسة لحكومة الرئيس سلام سيثار معها غبار الملل من هذه النغمة التي بدأ استحضارها مع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الاولى وراحت تتعملق تباعاً، فلا عرف أهل الطائف ولا قدروا أن يردوا التشويه الميثاقي ولا ارعوى الجانحون لحظة امام تجويف الطائف والشتات الباقية من أصوله. كلما اثيرت هذه المعضلة ينجح المتربصون بالطائف في الصاق معادلة مفادها ان الاجراءات والقرارات الحكومية كما التصويت في الجلسات النيابية والحكومية لا تستوي الا بميثاقية التسويات السياسية – الطوائفية كأنها كالصفقات التي لا تمر الا بتوافقات الامر الواقع . منذ ما بعد ٢٠٠٥ بات الطائف “المشبوه الأول” المتهم في ميثاقيته كأنه لم ينص في مقدمته على لاشرعية اي سلطة تحفظ العيش المشترك وكأنه لم يضع الآليات التنفيذية والأصول الواجبة لإطلاق عملية الحكم بأكثريات وأقليات موصوفة في التصويت في السلطتين التنفيذية والتشريعية.

حصل هذا التحول وتم فرضه وصار معه الطائف شيئاً آخر ولا يزال هناك من يتوهّم بأن ميثاق الجمهورية الثانية لا يزال هو هو. بل اكثر من ذلك مضت عملية حرف الأصول عن اصولها تحت وطأة الضغوط المتنوعة للصراع المذهبي بالدرجة الاولى الذي اقتحم بلادنا منذ سنوات ونحن عنه لاهون بأطروحات الثرثرة الدستورية والسياسية كأن شيئاً لم يتغير. ومع كل ازمة منذ ذاك الزمن باتت المعادلة التي تغطي تجويف الطائف تتستر بالميثاقية وصولاً الى التحاق المسيحيين الآن بالافرقاء المسلمين في هذه الآفة. لم يُلق المسيحيون بالاً أول الأمر للدوافع التي جعلت شعار الميثاقية يحل في كل تفصيل لأن الصراع كان مذهبياً وبعيداً من خصوصياتهم. اما وقد أرخى زمن الفراغ الرئاسي بكل أثقاله عليهم فارتدوا راهناً الى حيث سبقهم المسلمون وانضموا الى الاشتراطات المسماة ميثاقية ليمعنوا من حيث لا يدري بعضهم او يتهور بعضهم الآخر في تكريس أسوأ المعادلات التي تتهدد أصول الحكم. ولن نحتاج بعد هذا الى سيناريوات لقراءة مسار دستوري برمته صار يتيم الأبوين بالتكافل والتضامن “الميثاقيين”!