IMLebanon

الطائف خراب لبنان

جاء في البند الثاني لاعلان المبادىء التي تم الاتفاق عليها بين الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون: «الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي اقرت في الطائف، واحترام احكام الدستور من دون انتقائية وبعيدا من الاعتبارات السياسية والتفسيرات الخاطئة».

تأكيداً على الخطأ مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، فالدكتور سمير جعجع الذي وافق على الطائف والغى نضالات اجدادنا الموارنة والمسيحيين في لبنان وقدمهم للطوائف الاخرى، ما زال يرتكب الخطأ ذاته ويؤيد الطائف الذي لم يولد الا طبقة سياسية فاسدة ونضالات المسيحيين طوال التاريخ في لبنان ضد العثمانيين والمماليك، ليست ملك الدكتور سمير جعجع ليتنازل عنها، او ليقصف بعبدا ووزارة الدفاع اثناء دخول الجيش السوري من اجل اقرار الطائف وازالة العماد ميشال عون من قصر بعبدا.

كذلك ليس من حق العماد ميشال عون القتال حتى آخر جندي لبناني لانه لا يريد ان يقبل الطائف بل يريد تعديله، فاذا به اليوم في هذه الوثيقة يوافق على الطائف كما هو دون تعديل. فلماذا كانت حروب عون ولماذا كان الشهداء ولماذا كانت المعارك طالما ان عون عندما يترشح لرئاسة الجمهورية يتنازل عن موقفه من الطائف الذي قاتل من اجل عدم اقراره؟ ثم يأتي اليوم ويبلغنا عبر الوثيقة بأن الطائف منزل وغير مقبول تعديله في اي فقرة وعدم النظر اليه انتقائيا او سياسيا او غير ذلك.

لقد جلب علينا الطائف الذي اقرته الولايات المتحدة والسعودية وعبد الحليم خدام وحكمت شهابي، الويلات على لبنان، وجلب على الدكتور سمير جعجع 11 سنة في السجن، لانه وثق بالاميركيين وبالسعوديين على ان اتفاق الطائف سيؤمن مصالح المسيحيين، فاذا بالطائف يهجر الجميل واذا بالطائف يضع الدكتور سمير جعجع في السجن 11 سنة، واذا بالطائف يضع العماد ميشال عون 15 سنة خارج لبنان، ومع ذلك يعودون الان الى الطائف، على قاعدة طائفية مذهبية تعطي الصلاحيات لمجلس وزراء مكوّن من مجلس نواب على قاعدة قانون انتخابي غير منصف وغير طائفي بل يكرس المذهبية والطائفية ويقسم المناطق على قاعدة الاقطاعيات والبكاوات والزعماء الاموال والاثرياء وسارقي الاموال والمفسدين في هذا البلد.

طوال 27 سنة جرى تطبيق الطائف، او اقر الطائف، وطوال 25 سنة تم تطبيق الطائف، واذا كان البعض يقول ان المشكلة في تطبيق الطائف كانت سوريا، فسوريا انسحبت من لبنان منذ 11 سنة، سنة 2005 فما الذي جعل الطائف سيئا الى هذا الحد لتجري الانتخابات على قانون 1960 بدل النسبية ولماذا جرت الانتخابات النيابية خارج المناصفة بين المسيحيين والمسلمين على اساس الطائف، وماذا يبلغنا الدكتور سمير جعجع والعماد ميشال عون انهما عادا الى رشدهما واقرا باتفاق الطائف الذي خرب لبنان واضاع صلاحيات رئيس الجمهورية، وجعل من رئيس الجمهورية باش كاتب عند الاخرين، ولديه مهلة 15 يوما لتوقيع المراسيم، والا فان مجلس الوزراء يقر المرسوم ويصدره دون النظر الى رئيس الجمهورية وصلاحياته.

هؤلاء ليس عندهم ذاكرة، أليس من ذاكرة عند الدكتور سمير جعجع؟ انه اعتبر ان الطائف سيزيل العماد ميشال عون وصدق الدكتور سمير جعجع وعود السفير ساترفيلد بأن اميركا ضامنة لاتفاق الطائف، في حين ان عبر اتفاق الطائف تم تسليم لبنان الى سوريا، وفي النتيجة جاءت سوريا والمخابرات اللبنانية ووضعت الدكتور سمير جعجع في السجن 11 سنة، وهل نحن مجبرون على تصديق الدكتور سمير جعجع في ان الطائف كان خيرا للبنان والان يؤكد ذلك، ام ان العماد ميشال عون الذي قاتل ضد الطائف وسقط الشهداء وخاض المعارك ولم يكن يقبل التفاوض الا بعد تعديل حرف من الطائف، فاذا به اليوم يسلم بالطائف كاملا.

فاين ذاكرتك يا حضرة العماد ولماذا قمت باهدار دم ارواح الشهداء طالما انك ستوافق في النهاية على الطائف وكل ذلك من اجل ان تصل رئيسا للجمهورية؟ ان الطائف هو خراب للبنان، وان الطائف لن يولد الا طبقة سياسية فاسدة، وان الطائف اذا بقي على دستور لبنان ستبقى الاحوال شواذا في لبنان كما رأينا، فليس هنالك من مدة بعد الفراغ الرئاسي لانتخاب رئيس للجمهورية في صورة الزامية، او اي بند دستوري يفرض انتخاب رئيس جمهورية بطريقة ما، ثم انه في الفراغ الرئاسي تقرر الحكومة بالاجماع او بالاكثرية او بالثلثين زائد واحد القرارات ضمن مجلس الوزراء، فاذا بالدستور يلغى ويتقرر في مجلس الوزراء انه اذا كان هنالك مكوّنان اثنان داخل مجلس الوزراء يرفضان القرار ولو اخذ الاكثرية فلا تستطيع الحكومة اصداره، ولذلك نرى حكومة سلام في الفراغ الرئاسي مشلولة.

ثم ان الطائف لم يأخذ في عين الاعتبار عمل مجلس النواب في غياب رئيس الجمهورية، اليس هذا خطأ كبيراً وكارثة على لبنان، ان لا يستطيع ان يجتمع مجلس النواب اذا حصل فراغ رئاسي في البلاد، وان لا يستطيع مجلس النواب التشريع في ظل الطائف اذا لم ينتخب مجلس النواب رئيسا للجمهورية، ان من ويلات لبنان هو دستور الطائف، ومن ويلات لبنان ذاكرة العماد عون وذاكرة الدكتور سمير جعجع، ومن ويلات لبنان البند الثاني في الوثيقة التي أعلنها العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع، في ان الطائف يجب ان يستمر كما هو دون تعديل او تغيير.