هل انتفت الحاجة الى رئيس جمهورية بعدما تبين لاحد المرشحين الجديين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ولثانيهما غير الجدي رئيس التيار الوطني العماد المتقاعد ميشال عون، ان استمرار المعزوفة على ما هي عليه لن توصل الاول الى قصر بعبدا بفعل التمسك بلعبة النصاب، بما في ذلك اتكال الثاني على التحكم بالنصاب النيابي، ولولا هذا التصرف لكان الوريث الرئاسي قد انتخب قبل زهاء اربعة اشهر، لكن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشار بطرس الراعي قد قالها بصريح العبارة وهو يغادر بيروت الى الفاتيكان حيث اشار الى ان تعقيدات الرئاسة خارجية وليست داخلية، مع العلم ان مثل هكذا سبب يعني احد امرين، اما ان الذين مع المرشح الوهمي ميشال عون (التيار الوطني وتكتل التغيير والاصلاح وحزب الله والبقية الباقية من قوى 8 اذار تتلقى تعليماتها من الخارج) والمقصود بذلك ايران وسوريا وبقايا الشيوعية – اليسارية التي لا تزال تتصرف نكاية بالله وملائكته، كي لا يقال انها سقطت مع الاتحاد السوفياتي؟!
هذا المفهوم ليس خاطئا بقدر ما يعطي دلالة واضحة على ان معاناة لبنان خارجية شكلا ومضمونا، طالما ان ليس بوسع احد القول ان قوى 14 اذار (كتلة المستقبل والقوات اللبنانية واحزاب الكتائب والاحرار والمستقلون) لم تتلقى تعليماتها من الخارج حتى وان كان البعض يربط هؤلاء بالذيول التي تفاقمت في عدد من الدول العربية، لاسيما، ذيول سوريا الاسد حيث الحرب دائرة منذ سنين طويلة واورثت المنطقة محاولة خلق نظام سياسي – مذهبي بديل هو الجمهورية الاسلامية في كل من العراق ودمشق (داعش) الذي لا بد وانها تعني محاولة الخلاص او التخلص من كل ما من شأنه ان يكرس امرا سياسيا واقعا طالما بقي نظام الرئيس بشار الاسد متمسكا بالنظام السوري – البعثي وببقايا النظام العراقي – البعثي اللذين اورثا القطرين ما لا طاقة لهما على احتماله؟!
تجدر الاشارة الى ان من دعم وقدم المساعدة الى «داعش» لم يعد خافيا على احد، حيث قال نائب الرئيس الاميركي جو بايدن ان دولا عربية ساهمت في خلق داعش وبعض الاصوليين مثل تنظيم «النصرة» لمجرد الاستعاضة عن ضرب سوريا من الخارج، الى ان تبين كنتيجة حتمية لذلك «ان الاميركيين قد قاموا بواجب المساعدة الاولية واسهموا تلقائيا في تلبية ما ارادوه من وراء «داعش» الى ان خرجت على اوامر الغرب والداخل وتحولت الى قوى تكفيرية مدمرة لكل ما يمكن ان يقارب استقلال سوريا وحرية شعبها!
ان مثل هكذا انتفاضة لم تنشط بين ليلة وضحايا، بقدر ما تولدت من رحم الكينونية المذهبية الى ان تبين ان ليس بوسع احد تحملها بدليل ما فعلته من جرائم وتصفيات بشرية لم تحسب حسابا لقانون او نظام ام تقليد، لذا تبدو مهمة اميركا والغرب صعبة في مواجهة «داعش» وكل من يمت اليها بصلة، حيث شكلت مجموعة دولية متخصصة في ضرب الدواعش من الجو، بعدما تبين انه يتعذر مواجهتها على الارض، فيما تقول اوساط مطلعة ان الاتكال على الضربات الجوية لن يجدي نفعا، بدليل تداخل الاحتمالات التي نفذتها داعش على الارض مع غيرها من نقاط الضعف في كل من سوريا والعراق!
المهم في نظر اميركا والغرب ان لا يخسرا المزيد من المواقع الاستراتيجية المرتبطة بـ «سلاح النفط» اللذين كانا يتحكمان من خلاله بسلطة امر واقع على العالم قاطبة، فيما تعرف موسكو الى الان ومثلها الصين انهما غير قادرتين على التعاطي مع نظام بشار الاسد من غير ان يضطرا الى توجيه ضربات الى «داعش» و «النصرة» ولو من خلال تزويد الاميركيين والغرب بمعلومات لوجستية عن اماكن ضعف التكفيريين، وهذا من ضمن ما سيطرأ في مستقبل الايام، والا لن يكن بوسع احد حسم المعركة لما فيه مصلحته؟!
ان المسؤول الاميركي عندما دل على مكان الخلل في سياسة بعض التنظيمات الاصولية وعلاقتها مع عدد من دول الخليج العربي كان يعرف انه لا بد من افهام العالم ان «داعش» مجرد اختراع اميركي – عربي القصد منه محاربة العراق وسوريا من الداخل، لكن اللعبة تطورت الى حد تحول «داعش» ومن مثلها الى وبأ عالمي – اقليمي من الصعب تجاهله، لذا يقوم الاميركيون والغرب بمحاولات حسم المعركة مع التكفيريين فيما يجمع المراقبون على ان المعركة طويلة وتحتاج الى تدخل على الارض وهذا من الصعب حسمه نتيجة تعذر على الجميع تغيير مسار المواجهة بعدما خرجت اميركا من افغانستان ولاحقا من العراق لاسباب استراتيجية وداخلية في وقت واحد!