ظريفة كانت هذه المرشحة أو تلك وهي تلقي خطاباً من على منبر أو تدلي بتصريح لوسائل الإعلام، أو وهي تتحدّث عن أن «الموضة هي أيضاً عمل سياسي»… ولم يفت إحداهن أن تصف هذا العمل بأنه نبيل.
ولا بأس، فهذه هي المرّة الأولى التي يُتاح للمرأة أن تكون في خضم «المعركة» الإنتخابية بإسمها ونيابة عن ذاتها وليست مجرّد نبتة (جميلة) مزروعة في اللائحة. ذلك أن الصوت التفضيلي يأذن للمرأة المرشحة أن تقدّم نفسها بنفسها الى جمهور الناخبين، خصوصاً في ما يسمّونه «مهرجانات» إنتخابية، أو مهرجانات إطلاق اللوائح.
ولقد تبدّى، من خلال متابعة بعض السيّدات المرشحات (متابعتهن من باب الفضول على الأقلّ) أنّ بعضهن قادرات على بزّ أندادهن الرجال إن من حيث الوقفة المنبرية، أو من حيث المضمون، أو من حيث الهجوم الشرس على المنافسين الأخصام… أو خصوصاً من حيث إطلاق الوعود في ما يسمى «برنامجي الإنتخابي» المفروض التحدّث عن بعض تفاصيله في دقائق قليلة.
ولقد تبين لنا، من خلال المتابعة، أنّ المرأة «قابضتها عن جدّ». وهذه إيجابية تُسجل للمرأة اللبنانية التي كنّا نعارض إعطاءها «الكوتا» ليس لأننا لا نريد لها أن تكون في الندوة البرلمانية… فالعكس صحيح، لأننا من دعاة حضورها الوازن أيضاً، ولكن بجهدها وعن إستحقاق، من خلال خوضها المنافسة الإنتخابية وإثبات جدارتها، وهي جديرة عموماً.
لقد آن الأوان لتؤدي المرأة اللبنانية أدواراً «تأخذها» بجهدها، بدأبها، بنضالها السياسي، وليس فقط عبر جمعيات نحترم بعضها ونسجّل تحفظنا عن بعضها الآخر الذي تحوّل الى مجرّد «صبحيات» الأركيلة وفنجان القهوة. أجل آن الأوان لتأخذ المرأة شؤونها بيدها، وأن تخوض معاركها بكفاءتها وليس بالإستناد الى رجل… ولا أن تكون مجرّد «ديكور» في اللائحة على حد ما نُسب قوله الى أحد مؤلفي اللوائح عندما سُئل عن «السبب الموجب» لضم تلك «الحسناء» الى إحدى لوائحه؟ فأجاب بكلمة واحدة: «ديكور».
وفي تقديرنا أنّ هذه المعركة الإنتخابية الشرسة التي إقتضاها القانون الإنتخابي الجديد، ستكون بمثابة «المطهر» الذي تمرّ فيه المرأة اللبنانية لتعبر الى حضور ستكون هي المسؤولة الوحيدة عن نوعيته. إذ يتوقف على سلوكها الإنتخابي وتصرّفها الكثير من ملامح دورها السياسي في المستقبل. وسيكون لما تحصل عليه المرأة، في مختلف اللوائح، من صوت تفضيلي، مؤشر للبدايات، على أن يُبنى عليه في المستقبل المزيد من التراكم الإيجابي.
صحيح أننا لا نتوقّع أن يرتفع عدد النساء في المجلس النيابي الجديد عمّا هو عليه في المجلس الحالي… وقد لا تكون المرأة، وحدها، مسؤولة عن هذه النتيجة المرتقبة، إلاّ أنها بداية يجدر التوقف عندها بالكثير من الأمل. فالمرأة لا ينقصها أي شيء لتجاري الرجل، وربما لتتفوق عليه في مجالات الحياة العامة، بما في ذلك المجال السياسي، بالرغم من هذا المجتمع الذكوري الطاغي.