تصّدى الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري لأزمة كادت أن تتفاقم وتبعد تشكيل الحكومة الى أمدٍ غير محدّد أو محسوب. وهذه مبادرة طيّبة تنعكس، بالضرورة، إيجاباً على الأوضاع العامة، بعدما كان التأزم أخذ ينحى بعيداً في إتجاهات مؤذية من دون أدنى شك لو تسنى للتصعيد أن يبلغ مداه.
ولكن، في المقابل، يفترض أن تنعكس تلك المبادرة إيجاباً أيضاً على مصلحة كل من الرئيسين اللذين يُعتبران الأكثر تضرراً من تفاقم الأزمات ومضاعفة العراقيل ووضع العصي في دواليب التأليف.
فليس في مصلحة العهد، في أي حال من الأحوال، أن يتعثر تشكيل الحكومة التي وصفها الرئيس عون بأنها ستكون «حكومة العهد الأولى»، باعتبار أنّ الحكومة المستقيلة كانت وليدة الظروف المعروفة التي أدّت الى التسوية الرئاسية وسداد فواتيرها. أما تشكيل الحكومة الحالية فمحكوم بعدم الجرجرة، وإلاّ أصيب العهد بنكسة ستكون لها تداعياتها وإرتداداتها الكثيرة والكبيرة، المحسوب منها وغير المحسوب… إضافة لما لـ»عدم القدرة على التأليف» من أثر مباشر، معنوي على الأقل، في مسيرة العهد وسيّده.
كما أنه ليس في مصلحة الرئيس المكلّف أن تتمادى العرقلة في إستئخار التشكيل وهو الساعي الى استقرار حكومي يفيده شخصياً قدر ما يفيد الأوضاع اللبنانية العامّة، خصوصاً وأن لبنان والمنطقة على أبواب استحقاقات كبيرة، وتكفي نظرة الى التحوّلين الأبرزين في سوريا وفي اليمن (الحديدة) لاستخلاص العبر. الى ذلك فإنّ لبنان على موعد مع بدء وضع مقررات المؤتمرات الدولية التي عقدت من أجل لبنان (باريس، روما، بروكسيل) وبالذات مؤتمر باريس -4 المعروف بـ»سادر -1»… علماً أن بعضاً من المقررات مرتبط تنفيذه بمهل زمنية تترتب محاذير كبيرة على سقوطها… وهي ستسقط حكماً في حال تعذّر تشكيل الحكومة قبل الأسبوع الثالث من شهر تموز المقبل.
من هنا يرحب المراقبون، بمن فيهم ديبلوماسيون أجانب ذوو صلة (وبلدانهم ذات صلة مباشرة) في المقررات المشار إليها آنفاً.
والآن، ماذا؟ ومتى؟
تحديداً: ماذا سيجري الآن لترجمة التوافق الرئاسي القديم – الجديد الذي أكّد على إستمرار واستدامة التسوية الرئاسية؟ ومتى سيكون إعلان التشكيلة الحكومية المرتقبة؟ وهل سيتجاوب «أركان الأزمة» مع الصيغة التوافقية التي أكد عليها الرئيس سعد الحريري من قصر بعبدا مساء أول من أمس الخميس؟ أما «أركان الأزمة» فهم الأقطاب، ورؤساء الكتل النيابية، المعنيون بالتشكيل: الوزير جبران باسيل، والنائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، وقطبا الثنائي الشيعي الرئيس نبيه بري وسماحة أمين عام حزب اللّه السيّد حسن نصراللّه الذي تناول، أمس، مسألة تأليف الحكومة من زاوية الحصص داعياً الى معيار واحد في تعيين الوزراء من دون الدخول في التفاصيل. علماً أن للحزب اعتراضاً على إسناد حقائب بعينها الى حزب القوات اللبنانية… وتلك مسألة ثابتة برغم ما تردد مناقضاً لهذا الإستنتاج في وقت سابق.